تعدّ الدية في الشريعة الإسلامية من الأحكام الشرعية المهمة ، حيث شُرعت كوسيلة لتعويض الضرر الناتج عن القتل أو الجناية على النفس أو الأطراف. وهي تشكّل إحدى العقوبات البديلة عن القصاص، وتهدف إلى تحقيق العدل والموازنة بين حق المعتدى عليه وحق المعتدي
و في هذا المقال، سنتناول مفهوم الدية و أنواعها، مقاديرها، وكيفية دفعها وتوفيت دفعها، بالإضافة إلى أهميتها في تحقيق العدالة والصلح بين الناس والحكمة من تشريع الدية في الإسلام ومقدار الدية في النظام السعودي في الحالات المختلفة
الدية في الشريعة الإسلامية
الدية في اللغة تعني المال الذي يُعطى تعويضًا عن النفس أو الأطراف. أما في الاصطلاح الشرعي، فهي المال الواجب دفعه بسبب القتل أو الجناية على الأطراف، وتكون واجبةً في حالات معينة، مثل القتل الخطأ وشبه العمد.
شرع الإسلام الدية لتحقيق العدل ومنع الفوضى في المجتمع، وقد وردت مشروعيتها في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومنها قوله تعالى:
“وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا إلا خطأً ومن قتل مؤمنًا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلّمة إلى أهله إلا أن يصدّقوا” (النساء: 92).
كما ثبتت الدية في السنة النبوية، فقد قال النبي ﷺ في حديثه المشهور:
“ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها”
أنواع الدية في الشريعة الإسلامية

تنقسم الدية في الشريعة الإسلامية إلى أنواع متعددة، بناءً على طبيعة الجناية والضرر الواقع على المجني عليه كالآتي :
دية القتل
يوجد ثلاث حالات للدية في القتل وهي :
دية القتل العمد
القتل العمد هو أن يتعمد الجاني قتل شخص باستخدام أداة قاتلة، والدية فيه تكون مغلظة إذا عفا أولياء الدم عن القصاص، وتقدَّر بمائة من الإبل أو ما يعادلها
دية القتل شبه العمد
القتل شبه العمد هو القتل الذي يقع باستخدام أداة غير قاتلة غالبًا، مثل العصا أو اليد، دون نية القتل، والدية فيه مغلظة ولكنها تُدفع خلال ثلاث سنوات.
دية القتل الخطأ
القتل الخطأ هو ما وقع دون قصد، مثل حوادث السير، وتكون ديته مخففة وتُدفع خلال ثلاث سنوات من بيت المال إذا لم يستطع الجاني دفعها.
قد ترغب في قراءة: عقوبة التهديد بالقتل
دية الجراحات في الشريعة الإسلامية
الجراحات في الشريعة الإسلامية تشمل أي إصابة تلحق بجسم الإنسان دون أن تؤدي إلى الوفاة، وقد جعل لها الإسلام دية محددة بحسب نوع الجرح وموضعه وخطورته. وتختلف دية الجراحات بحسب تأثيرها على الإنسان، فمنها ما يكون له نسبة من دية النفس، ومنها ما يكون له تقدير خاص.
وقسم الفقهاء الجراحات إلى عدة أنواع، ولكل نوع مقدار معين من الدية، وهي كما يلي:
- الجائفة وهي هي الجراحة التي تصل إلى جوف الإنسان، سواء في البطن أو الصدر أو الظهر وتكون دية الجائفة ثلث دية النفس، أي ما يعادل ثلث الدية الكاملة.
- الموضِحة، وهي هي الجرح الذي يصل إلى العظم ويكشفه، وعادة ما يكون في الرأس أو الوجه وتكون ديتها خمس دية النفس، أي ما يعادل عُشر الدية الكاملة
- الدامِية، وتشير إلى الجرح الذي يسيل منه الدم ولكنه لا يصل إلى العظم ويتم تحديد التعويض المناسب حسب تقدير القاضي.
- المتلاحمة، وهي الجرح العميق الذي يصل إلى اللحم ولكنه لا يصل إلى العظم ويتم تحديد مقدار الدية حسب تقدير القاضي
- السِّمحاق، وقد جاء وصفه بكونه الجرح الذي يصل إلى غشاء العظم دون أن يكشفه ويحدد القاضي الدية المناسبة
- الهاشمة، وهى الجروح المهشمة للعظام وديتها ما يعادل قيمة خمس من البعير ، وإذا ترافق معها الجروح الموضحة تكون ديتها ما يعادل ١٥ من الإبل
- المأمومة، وهى الجروح التي تصل إلى خريطة الدماغ وتكون ديتها بمقدار ثلث الدية
الجدير بالذكر إذا لم يكن هناك نص شرعي واضح في مقدار دية الجرح، فإن القاضي يقوم بتقديرها وفقًا للعرف والضرر الواقع على المجني عليه. وهذا يضمن تحقيق العدل وعدم المغالاة أو الظلم في تقدير التعويضات.
دية الأعضاء
دية الأعضاء تتفاوت بحسب العضو المصاب، وتنقسم إلى:
دية الأعضاء التي في الإنسان منها زوجان
مثل العينين واليدين والرجلين والأذنين وإذا أُتلف العضوان معًا، فتجب دية كاملة أما إذا أُتلف أحدهما فقط، فتجب نصف الدية
دية الأعضاء التي في الإنسان منها عضو واحد
مثل الأنف واللسان وفى هذه الحالة
إذا أُتلف العضو بالكامل، فتجب فيه دية كاملة إذا أُتلف جزء منه بحيث يفقد وظيفته، فتُقدر الدية بحسب الضرر.
دية الأصابع والأسنان
حيث يكون مقدار الدية عن كل إصبع عشر الدية كاملة وعن كل سن خمس من الإبل
مقدار الدية في الإسلام
يتم تحديد مقدار الدية في الشريعة الإسلامية بحسب نوع القتل والجناية وتختلف الدية من الرجل المرأة فدية الرجل تكون الآتي:
- ١٠٠ من الإبل
- ١٠٠٠ دينار من الذهب
- ٢٠٠ بقرة
- ١٠٠٠ شاة
أما دية المرأة فتكون نصف دية الرجل في الإسلام، وذلك بناءً على النصوص الشرعية وأقوال العلماء.
كيفية دفع الدية؟
يختلف تحمّل الدية باختلاف نوع الجناية في القتل العمد، يتحملها الجاني نفسه. في القتل الخطأ، تتحملها العاقلة، وهم أقارب الجاني من جهة الأب، وتُدفع على ثلاث سنوات.
وقت دفع الدية
تختلف مدة دفع الدية بحسب نوع الجناية، ففي القتل العمد تُدفع فورًا، بينما في القتل الخطأ وشبه العمد تُقسَّط على ثلاث سنوات.
الحكمة من تشريع الدية في الإسلام
- تحقيق العدل والتوازن في المجتمع:
توفر الدية بديلاً عادلًا للقصاص في بعض الحالات، مما يحافظ على أرواح الناس ويمنع الفوضى والانتقام غير المشروع
- التخفيف عن الجاني:
إذا كان خطأً في حالة القتل الخطأ، لا يُعد الجاني قاتلًا عمدًا، لذا شرعت له الدية كتعويض مالي بدلاً من القصاص.
- تشجيع العفو والصلح :
شرع الإسلام الدية لتكون وسيلة للصلح بين الناس، حيث يمكن لأولياء الدم العفو مقابل الدية، مما يساعد على نشر ثقافة التسامح.
اقرأ على موقعنا: إجراءات رفع دعوى في المحكمة الجزائية
.
الدية في النظام السعودي

حدد المجلس الأعلى للقضاء مقدار الدية في النظام السعودي وذلك في التعميم رقم (١٩٢/ت )
وجاء في التعميم أن الأصل في الدية في الشريعة الإسلامية هو الإبل ويمكن تقيمها بما يعادلها في كل زمن
ولقد أقر التعميم أيضًا أن تكون دية المرأة نصف الرجل والدية الخاصة بالرجل الأجنبي المسلم مثل دية السعودي ودية الرجل الأجنبي الغير مسلم نصف دية الرجل المسلم ودية المرأة غير المسلمة نصف دية المرأة المسلمة
ويتم تحديد مقدار الدية في النظام السعودي على حسب نوع الجريمة كالآتي :
دية القتل العمد
دية القتل العمد هي ما يوازي ثمن مائة من الإبل وتم تقديرها في التعميم رقم( ١٩٢/ت) بمبلغ ٤٠٠,٠٠٠ ريال سعودي
دية القتل شبه العمد
يتحقق القتل شبه العمد في النظام السعودي عند أستخدام الجاني أداة لا تستخدم عادة ً في القتل وتكون دية القتل شبه العمد هى الدية المغلظة والمقدرة بمبلغ ٤٠٠,٠٠٠ريال سعودي
دية القتل الخطأ
القتل الخطأ هو عدم وجود نية مسبقة وقصدية جنائية عند مرتكب الجريمة
ودية القتل الخطأ لا تكون مغلظة مثل دية القتل العمد وشبه العمد وقد حددها النظام السعودي بمبلغ ٣٠٠,٠٠٠ ريال سعودي
يمكنك قراءة المزيد حول الدية في النظام السعودي
وبذلك نكون قد أنهينا مقالنا والذي تناولنا فيه قضية مهمة للغاية وهي الدية في الشريعة الإسلامية وتعرفنا على الديو وأنواعها ومقدارها وكيفية ووقت دفعها والحكمة من تشريع الدية في الإسلام وأخيرًا تناولنا الدية في النظام السعودي والقواعد المعمول بها في مسائل الدية في المملكة العربية السعودية