أحكام البراءة في قضايا الاختلاس وعقوبة الاختلاس في النظام السعودي

أحكام البراءة في قضايا الاختلاس وعقوبة الاختلاس في النظام السعودي


تُعد عقوبة الاختلاس في النظام السعودي من أبرز العقوبات التي تهدف إلى حماية المال العام والخاص، وتعزيز النزاهة والشفافية في المؤسسات و يُعتبر الاختلاس من الجرائم الخطيرة التي تؤثر سلبًا على الثقة في الأجهزة الإدارية والخدمية، مما يستدعي تطبيق أنظمة صارمة للحد منها. 

في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل عقوبة الاختلاس في النظام السعودي، مستعرضين التعريف ، الأركان المكونة للجريمة، الإجراءات المتبعة في التحقيق، وأحكام البراءة، بالإضافة إلى دور هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) في مكافحة هذه الجرائم ، وكيفية الوقاية من جرائم الاختلاس في المؤسسات 

تعريف جريمة الاختلاس في النظام السعودي

تُعرّف جريمة الاختلاس في النظام السعودي بأنها استيلاء الموظف العام – أو من في حكمه – على مال منقول مملوك للدولة أو لإحدى الجهات العامة أو الخاصة، وكان قد أُؤتمن عليه بسبب وظيفته أو صفته، وذلك بنية تملكه أو استعماله على نحو غير مشروع.

ويُعتبر هذا الفعل إخلالًا جسيمًا بالأمانة الوظيفية، وتعديًا مباشرًا على المال العام، مما يجعله من الجرائم التي تستوجب العقاب الحازم وفقًا لما تقضي به الأنظمة السعودية. 

أركان جريمة الاختلاس في النظام السعودي

أركان جريمة الاختلاس في النظام السعودي
أركان جريمة الاختلاس في النظام السعودي

لكي  تثبت الجريمة وتطبق عقوبة الاختلاس في النظام السعودي لا بد من توافر ثلاثة أركان رئيسية، وهي:

  •  الركن النظامي (الشرعي)؛

هو وجود نص نظامي يُجرّم الفعل المرتكب.

وقد جاء المرسوم الملكي رقم (43) لسنة 1377هـ ليُحدد الأفعال المجرّمة والمتعلقة بالوظيفة العامة، ومنها الاختلاس، التبديد، أو التصرف غير المشروع في المال العام.

كما يُعزز هذا المبدأ نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة الصادر عام 1442هـ والذي يشمل العقوبات على اختلاس الأموال الخاصة والعامة.

  •  الركن المادي:

يشمل السلوك الملموس الذي يقوم به الجاني، ويتكون من ثلاثة عناصر:

  • صفة الجاني

أن يكون موظفًا عامًا أو من في حكمه (مثل العاملين في الشركات المملوكة للدولة أو الجمعيات ذات النفع العام).

  • موضوع الجريمة: 

مال منقول مملوك للدولة أو للغير أُودع لدى الموظف بسبب طبيعة عمله.

  • السلوك الإجرامي:

 الاستيلاء على المال أو تبديده أو استعماله بطريقة تخالف مقتضى الأمانة.

  •  الركن المعنوي (القصدي):

وهو نية الجاني في ارتكاب الجريمة، ويشمل عنصرين:

  • العلم:

 أن يعلم الموظف أن المال الذي في حيازته ليس ملكًا له بل أؤتمن عليه بسبب وظيفته.

  • القصد الجنائي: 

أن تتجه إرادته إلى تملك المال أو استخدامه لمصلحة شخصية، أو التصرف به على نحو غير مشروع، سواء بإخفائه أو نقله أو التلاعب بسجلاته.

يمكنك أيضا الإطلاع على اركان جريمة الاختلاس في القانون السعودي

عقوبة الاختلاس في النظام السعودي

تُعد جريمة الاختلاس من الجرائم الخطيرة التي تمس الأمانة والثقة في الوظيفة العامة والخاصة وقد حدد النظام السعودي عقوبات صارمة لمرتكبي هذه الجريمة، تختلف باختلاف صفة الجاني ونوع المال المختلس. كالتالي ؛

عقوبة اختلاس المال العام

وفقًا للمادة الثانية من المرسوم الملكي رقم (43) لعام 1377هـ، يُعاقب الموظف العام الذي يثبت ارتكابه لجريمة الاختلاس بالسجن لمدة لا تزيد على عشر سنوات، أو بغرامة لا تزيد على عشرين ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.  وتشمل الجريمة أيضًا التبديد أو التفريط في الأموال العامة صرفًا أو صيانةً. 

يمكنك الإطلاع بشكل كامل على مقال عقوبة الاختلاس في النظام السعودي

عقوبة اختلاس المال الخاص

بالنسبة لاختلاس الأموال الخاصة، يُطبق نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/79) وتاريخ 10/9/1442هـ.

  وتنص المادة الثانية من هذا النظام على أن من استولى دون وجه حق على مال سُلِّم إليه بحكم عمله أو على سبيل الأمانة أو الشراكة أو الوديعة أو الإعارة أو الإجارة أو الرهن أو الوكالة، أو تصرف فيه بسوء نية، أو أحدث به ضررًا عمدًا، يُعاقب بالسجن لمدة لا تتجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. 

عقوبات تكميلية

بالإضافة إلى العقوبة الأساسية، قد تُفرض عقوبات تكميلية على مرتكبي جريمة الاختلاس، مثل: 

  • رد المال المختلس.
  • الفصل من العمل، خاصة إذا كان الجاني موظفًا عامًا.

وتعتمد المحاكم السعودية على مبدأ التدرج في عقوبة الاختلاس في النظام السعودي تبعًا لنية الجاني، وحجم الضرر، وإثبات الوقائع، ومدى تعاون الجاني خلال التحقيقات. 

 إجراءات التحقيق في قضايا الاختلاس

عند الاشتباه في جريمة اختلاس ، تُباشر الجهات المختصة، مثل هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)، التحقيقات اللازمة، والتي تشمل: 

  • جمع الأدلة والمستندات المتعلقة بالجريمة. 
  • استجواب المتهمين والشهود. 
  • تحليل البيانات المالية. 
  • إحالة القضية إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات النظامية. 

وتعد هذه الإجراءات هي الأساس العدلى لإثبات الجريمة وإقرار توقيع عقوبة الإختلاس في النظام السعودي 

أحكام البراءة في قضايا الاختلاس

أحكام البراءة في قضايا الاختلاس
أحكام البراءة في قضايا الاختلاس

رغم أن جريمة الاختلاس تُعد من الجرائم الجسيمة التي توجب تنفيذ عقوبة الاختلاس في النظام السعودي إلا أن المحاكم قد تصدر أحكام براءة في بعض الأحيان ، وفيما يلي أبرز الحالات التي قد تؤدي إلى صدور أحكام بالبراءة في قضايا الاختلاس:

  •  انعدام القصد الجنائي (النية الإجرامية):

إذا ثبت أن الموظف لم تكن لديه نية التملك أو التبديد، وكان تصرفه ناتجًا عن خطأ غير عمدي أو إهمال غير مقصود، 

  •  عدم توافر الحيازة النظامية للمال:

يشترط النظام أن يكون المال في حيازة الجاني بحكم وظيفته. فإذا لم يكن المال في عهدته أصلًا، أو لم يكن له سلطة مباشرة عليه، تنتفي الجريمة.

  •  عدم كفاية الأدلة والإثبات؛

في حال عدم وجود مستندات أو شهود أو أدلة فنية تثبت واقعة الاختلاس، أو إذا كانت الأدلة ضعيفة أو متناقضة، فإن المحكمة قد تقضي بالبراءة، استنادًا إلى مبدأ “الشك يُفسَّر لصالح المتهم”.

  • رد المال قبل ثبوت التهمة :

إذا قام الموظف برد المال قبل أن تبدأ إجراءات التحقيق الرسمية، فإن ذلك قد يكون قرينة على حسن النية، خاصة إذا كان هناك لبس في العمليات المالية.

الفرق بين الاختلاس والسرقة في النظام السعودي

رغم أن كلًا من جريمتي الاختلاس والسرقة تنطويان على الاعتداء على مال الغير، إلا أن النظام السعودي يفرّق بينهما كما يلي:

  • الاختلاس:

 هو استيلاء الموظف العام – أو من في حكمه – على مال منقول مملوك للدولة أو للغير كان في حيازته بحكم وظيفته، وذلك بنية التملك أو الاستعمال غير المشروع.

  • السرقة

هي أخذ مال منقول مملوك للغير خِفيةً دون إذنه، وبنية تملكه، دون أن يكون الجاني مؤتمَنًا عليه أو في حيازته النظامية

وضحنا سابقا جريمة الاختلاس في النظام السعودي ٢٠٢٤

دور هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) في مكافحة الاختلاس

تُعد هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية (نزاهة) من أهم الجهات الرقابية المعنية بمكافحة جرائم الفساد المالي والإداري، وعلى رأسها جريمة الاختلاس ، وإليك أبرز جهود الهيئة :

  • الكشف عن قضايا الاختلاس والتحقيق فيها
  • التحري والتحقيق المبدئي مع الأشخاص المعنيين.
  • جمع الأدلة والمستندات والتحقق من تورط موظفين عموميين أو متعاملين مع الدولة في عمليات اختلاس أو تبديد.
  • إحالة القضايا إلى الجهات المختصة مثل النيابة العامة لاستكمال التحقيقات الجنائية والمحاكمة.
  • المراقبة والتفتيش على الجهات الحكومية
  •  تعزيز الوعي المجتمعي حول جريمة الاختلاس
  • تطوير الأنظمة واللوائح للوقاية من الاختلاس

الوقاية من جرائم الاختلاس في المؤسسات

للوقاية من جرائم الاختلاس، يُنصح باتباع الإجراءات التالية: 

  •  تطبيق نظام رقابة داخلية فعّال
  • تعزيز الشفافية والإفصاح
  • استخدام الأنظمة التقنية الحديثة
  • التربية المؤسسية على النزاهة والامتثال
  •  تشجيع الإبلاغ عن المخالفات
  •  المراجعة الخارجية الدورية والمساءلة

تُعد جريمة الاختلاس من أخطر الجرائم التي تهدد كيان المال العام والثقة في الجهاز الإداري ولذلك تُولي المملكة هذه الجريمة اهتمامًا بالغًا في أنظمتها، حيث جاءت عقوبة الاختلاس في النظام السعودي مشددة لردع مرتكبيها، حمايةً لمقدرات المملكة وتعزيزًا لمبدأ الشفافية والنزاهة في الوظيفة العامة.

وقد تناول هذا المقال بشكل شامل تعريف جريمة الاختلاس وأركانها الأساسية، مرورًا بالعقوبات المقررة لها، وإجراءات التحقيق المتبعة، كما تطرقنا إلى حالات البراءة الممكنة، والفروقات الجوهرية بينها وبين السرقة، إلى جانب إبراز الدور الحيوي الذي تقوم به هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)، واختُتم المقال بأهم سبل الوقاية المؤسسية لحماية المال العام  والخاص من هذه الجريمة.

قم بتقييم المقالة

لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *