ذهب جمهور الفقهاء إلى تعريف الوصية بأنها التصرف في الأموال بعد الموت أو التبرع بها، وهي أمر مشروع كما ورد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة،
حيث جاء في كتاب الله: "مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ"
أو كما قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم "إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم".
والوصية قد تكون واجبة أو مستحبة ولكنها ليست مفروضة علي المسلم فهي واجبة على كل من له أو عليه حقوق يجب تأديتها كالدين مثلًا ومستحبة لمن أراد أن يكون له صدقة جارية بعد موته.
وقد تكون الوصية مكروهة في بعض الحالات كما ورد في الحديث الشريف: قال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم” إنك إنْ تذرْ ورثتَكَ أغنياءَ خيرٌ من أن تذرَهم عالةً يتكفّفون الناس” حيث لا يجوز أن يوصي المتوفي بماله لأحد طالما كان أهله في حاجة لذلك المال، كما أن الوصية لا تجوز للوارث أيضًا.
القيمة المالية للوصية شرعًا:
من المستحب ألا تبلغ قيمة الوصية ثلث مال المتوفي طالما أنه له وارث يرثه إلا بموافقة الوارث على زيادة تلك القيمة المقدرة بعد موت الموصي.
أركان الوصية:
هناك عدة أركان يجب توافرها لاكتمال صحة الوصية كما يلي:
الموصِي: وهو من صدرت منه الوصية ويجب أن يكون عاقلًا راشدًا غير مفتقد للأهلية وغير مدين أيضًا.
الموصَى له: وهو من كتبت من أجله الوصية وهنا يشترط قبوله لتلك الوصية وأن يكون على قيد الحياة أو قد يكون جنينًا في بطن أمه، يشترط به أن يكون راشدًا وأهلًا للتملك والتصرف في تلك الأموال.
الموصَى به: وهو ما ورد في نص الوصية سواء بالقول أو الكتابة ويشترط فيه أن يكون موجودًا بالفعل وقابلا للتمليك وأن يؤول إلى الموصَى له بعد وفاة الموصي وليس قبل ذلك.
الموصَى إليه: وهو الشخص الذي يوكله الموصي للتصرف بالوصية بعد موته وتنفيذ ما جاء فيها.
أحكام الوصية
- تجوز الوصية بمقدار ثلث مال المتوفي أو أقل من ذلك لمن له وارث فإن لم يكن له وارث يجوز التبرع بجميع أموال المتوفي في هذه الحالة.
- لا تجوز الوصية للوارث وفقًا لما جاء في قول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: “لا وصية لوارث” إلا بموافقة الورثة بعد موت الموصي ففي تلك الحالة يمكن تخصيص جزء من أموال المتوفي لصالح أحد الورثة زيادة عن الإرث الشرعي له.
- كما يجب أن يكون الورثة في حالة عدم احتياج للمال فإن كانوا في حاجة له فمن المكروه أن يوصى بها لغير أهل المتوفي في هذه الحالة وذلك كما جاء في قول سيدنا علىّ عليه السلام: ” إنما تركت شيئا يسيرا، فدعه لورثتك”. أما في حالة أرد المتوفي الإضرار بورثته وحرمانهم من أمواله بعد موته فإن ذلك الأمر يعد حرامًا شرعًا استنادًا لحديث الرسول: “ إن الرجل ليعمل بطاعة الله ستين سنة، ثم يحضره الموت، فيضار في الوصية، فتجب له النار“.
- يجوز للموصي تعديل وصيته سواء بالزيادة أو النقص قبل وفاته أو الرجوع فيها.
- يجب تقديم إخراج الديون وغيرها من النفقات الشرعية مثل أموال الزكاة والنذر والكفارة أولًا من أموال المتوفي قبل الوصية حسب ما جاء في الحديث الشريف: “اقضوا الله؛ فالله أحق بالوفاء”
- لا تصح الوصية للميت.
- يجب أن يكون الموصى به ملكًا للمتوفي ويمكن توريثه فإن تلف أو تبدد بطلت الوصية.
- في حالة عدم تحديد قيمة الوصية فعليًا بالقول أو الكتابة فإنها في تلك الحالة تعتبر السدس من أموال المتوفي.
- تجوز الوصية لكلًا من المسلم أو الكافر المعين في غير معصية.
مبطلات الوصية:
تعتبر الوصية لاغية في حالة حدوث أيًا من الحالات التالية:
- موت الموصَى له مما يعنى أنه لا وجود لمن تؤول إليه أموال الموصي وبذلك تعتبر الوصية باطلة.
- قيام الموصَى له بقتل الموصِي يبطل الوصية أيضًا.
- تلف أو فساد أو تبديد الموصَى به من ممتلكات الموصِي يبطل الوصية لعدم توافره.
- رفض الموَصى له قبول الوصية إذ يجب أن يتوافر ذلك الشرط وإلا تعتبر الوصية باطلة.
- رجوع الموصي عن وصيته أو إنكاره لها.
وبالإضافة لما سبق فإنه من غير الملزم توثيق الوصية لدى المحاكم الشرعية فيكفي لإثبات صحتها وجود نص كتابي من الموصي بخط يده أو توقيعه ووجود شهود على تلك الوصية.