الفرق بين الجناية والجنحة في النظام السعودي

الفرق بين الجناية والجنحة في النظام السعودي يُعد من المفاهيم المحورية التي يجب الإلمام بها لفهم كيفية تصنيف الجرائم، وتحديد مسار التحقيق والمحاكمة، وطبيعة العقوبة المقررة. هذا التصنيف لا يقتصر على وصف نظامي شكلي، بل يؤثر بعمق على الإجراءات النظامية والحقوق الفردية بعد صدور الحكم، ويُبنى عليه اختصاص المحكمة، ونوع الجريمة، ومدى خطورتها، ودرجة تأثيرها على الأمن والمجتمع.

في هذا المقال، نستعرض شرحًا دقيقًا وشاملًا لماهية الجناية والجنحة كما ورد في الأنظمة السعودية، ونقارن بين العقوبات المقررة لكل منهما، ونوضح  المحاكم المختصة بنظرها، ثم نبيّن العواقب النظامية بعد الإدانة في كل نوع، خاصة ما يتعلق بالسجل الجنائي والحقوق المدنية، وأخيرًا نناقش الحالات التي يمكن أن تتحول فيها الجنحة إلى جناية بحسب تطور الوقائع والنتائج المترتبة.

ما المقصود بالجناية والجنحة في النظام السعودي؟

يُصنّف النظام الجزائي السعودي الجرائم إلى ثلاثة أنواع رئيسية حسب جسامة الفعل وخطورته: الجنايات، والجنح، والمخالفات، ويُعدّ التمييز بين الجناية والجنحة أساسًا لفهم طبيعة العقوبات وآلية المحاكمة:

• الجناية في النظام السعودي : هي كل جريمة بالغة الخطورة يُعاقب عليها بعقوبات مغلظة، مثل القتل العمد، الحرابة، الإفساد في الأرض، أو الاعتداء الذي يُفضي إلى إزهاق الروح أو إحداث عاهة دائمة.
  
• الجنحة في النظام السعودي: هي جريمة أقل خطورة من الجناية، وتشمل الاعتداءات البسيطة، السرقات المحدودة، أو التهديد غير المؤثر بشكل كبير، ويعاقب عليها غالبًا بالسجن القصير أو الغرامة أو الجلد التعزيري.
  

الفرق بين الجناية والجنحة في النظام السعودي من حيث العقوبات والحدود

في النظام السعودي، تُحدّد العقوبات وفقًا لطبيعة الجريمة وجسامتها، ويُستنبط الفرق بين الجناية والجنحة في النظام السعودي من نوع العقوبة المقررة بحسب الأنظمة المختلفة كالتالي:

•  أولًا: عقوبات الجناية: الجنايات تُعدّ أشدّ الجرائم خطورة، وتكون العقوبات فيها مغلظة، وتشمل:
  
  
  • القصاص أو الإعدام: كما في القتل العمد، والحرابة، والاغتصاب.
    
  • السجن طويل الأمد:  قد يتجاوز 5 سنوات أو يصل إلى 20 سنة أو أكثر، حسب نوع الجريمة.
    
  • الجلد التعزيري:  في بعض الجرائم التي لا تستوجب حدًا شرعيًا ولكن تستحق تأديبًا.
    
  • مصادرة الأموال أو الأدوات المستخدمة في الجريمة: كما في الجرائم الاقتصادية وغسل الأموال.
    
•  ثانيًا: عقوبات الجنحة: الجنح تُعتبر جرائم أقل خطرًا، لذلك تكون العقوبات فيها مخففة نسبيًا:
  
  
  • السجن القصير:  غالبًا لا يتجاوز 3 سنوات.
    
  • الغرامة المالية:  وتتفاوت حسب جسامة الفعل، وقد تكون بديلًا عن الحبس.
    
  • الجلد التعزيري البسيط: في بعض المخالفات الأخلاقية أو السلوكية.
    
  • التوبيخ أو الالتزام بعدم التكرار: في حالات بسيطة تُراعى فيها ظروف المخالف.
    

تعرف أيضا على شروط الكفالة في القضايا الجنائية في النظام السعودي ٢٠٢٥

محاكم الاختصاص من حيث أين تنظر الجنايات وأين الجنح؟

في النظام السعودي، يُحدد اختصاص المحاكم بحسب نوع الجريمة وطبيعة العقوبة المقررة لها، وبالتالي فإن الفرق بين الجناية والجنحة في النظام السعودي يتجلّى أيضًا في المحكمة المختصة بنظر كل نوع منهما كالآتي:

•  أولًا: محاكم الجنايات (الجرائم الكبيرة): تنظر المحاكم الجزائية المتخصصة أو المحاكم الجزائية ذات الولاية العامة في الجرائم المصنفة كجنايات،
  
  وتكون عادة من اختصاص المحكمة الجزائية الكبرى إذا تعلّق الأمر بجرائم كبرى مثل القتل، الاغتصاب، الحرابة، الإرهاب، الرشوة، المخدرات.
•  ثانيًا: محاكم الجنح (الجرائم الأقل جسامة): تنظر المحاكم الجزائية العادية في الجنح، وهي الجرائم التي لا تستوجب سوى:
  
  • السجن لفترات قصيرة (عادة أقل من 3 سنوات)
  • الغرامات المالية
  •  الجلد التعزيري البسيط.

وغالبًا ما تُعالج القضايا الجنحية بإجراءات مبسطة، وقد تُحسم في جلسة واحدة إذا لم تُنكر الوقائع.

العواقب النظامية بعد الإدانة: سجل جنائي والتأثير على الحقوق المدنية

يترتب على الإدانة في الجرائم، سواء كانت جناية أو جنحة، عواقب نظامية مهمة تؤثر على سجل الفرد وتقييد بعض حقوقه النظامية

لكن تتفاوت هذه الآثار تبعًا لدرجة الجريمة وخطورتها. ويُعد هذا الفرق أحد الأوجه الأساسية لفهم الفرق بين الجناية والجنحة في النظام السعودي. وإليك أبرز الآثار:

•  أولًا: الجناية وآثارها على السجل والحقوق: الإدانة بجناية تُسجّل في السجل الجنائي للمحكوم عليه، ويترتب عليها عدد من الآثار الخطيرة:
  
  • الحرمان من التعيين في بعض الوظائف العامة أو العسكرية.
  • صعوبة الحصول على تأشيرات سفر أو اعتماد مهني في عدد من القطاعات.
  • التأثير على الأهلية للتوكيل، الكفالة، الشهادة، أو الترشح للمناصب العامة، خصوصًا إذا تعلقت الجناية بجرائم مخلة بالشرف أو الأمانة.
  • تبقى وصمة الجناية قائمة في السجل الجنائي لفترات طويلة، وقد لا تُمحى إلا بعد طلب رد الاعتبار النظامي وفق شروط محددة.

•  ثانيًا: الجنحة وآثارها النظامية: تُسجّل الجنح أيضًا في السجل الجنائي، لكن:
  
  • تُعدّ أقل ضررًا من الجنايات عند التقديم للوظائف.
  • يمكن محوها بعد مرور مدة محددة دون تكرار الجريمة، خاصة إذا لم تكن الجريمة مخلة بالشرف أو تنطوي على سبق إصرار أو تعدد.
  • لا تؤثر في بعض الأحيان على الحقوق المدنية مثل الشهادة أو الوكالة إذا كانت من الجرائم البسيطة.

قد تحتاج أيضا إلى التعرف على دور أفضل محامي جنائي في الدمام

متى تتحول الجنحة إلى جناية في النظام السعودي؟

الوقائع والمتغيرات المرتبطة بالجريمة قد تؤدي في بعض الحالات إلى إعادة تصنيف التهمة من جنحة إلى جناية، وذلك وفقًا لمجريات التحقيق، أو ظهور أدلة جديدة، أو تطور النتائج المترتبة على الجريمة.

ويعد هذا الأمر من المسائل التي تُمارس فيها النيابة العامة صلاحياتها بموجب نظام الإجراءات الجزائية ووفقًا لما تقرره المحكمة المختصة بناءً على وصف الفعل ودرجة خطورته. وإليك  حالات شائعة لرفع توصيف الجريمة:

• ظهور نتائج جسيمة لم تكن متوقعة: مثال: شجار بسيط (جنحة) أدى لاحقًا إلى وفاة المجني عليه أو إصابته بعاهة وبالتالي  يُعاد توصيف الجريمة إلى جناية اعتداء مفضٍ إلى الوفاة.
  
•  تعدد الجناة أو التكرار الإجرامي: إذا ارتُكبت جنحة من قِبل مجموعة منظمة أو تكررت من ذات الشخص، قد يُنظر لها كجريمة مخلة بالأمن.
  
•  ارتباط الجنحة بجريمة أصلية مصنّفة كجناية: مثل استخدام التزوير البسيط (جنحة) ضمن شبكة احتيال مالي موسعة وبالتالي يُعاد توصيفها كجزء من جريمة منظمة (جناية).

---

 في ضوء ما سبق يتضح أن الفرق بين الجناية والجنحة في النظام السعودي لا يقتصر على مجرد تصنيف شكلي للجرائم، بل يمتد ليشمل آثارًا نظامية بالغة الأهمية تبدأ من طبيعة العقوبة، وتمر باختصاص المحكمة، وتنتهي بتأثير الحكم على السجل الجنائي والحقوق المدنية للفرد،وقد بيّنا في هذا المقال المقصود بالجناية والجنحة، والفروق بين العقوبات المقررة لكلٍ منهما، واختصاص المحاكم في نظر هذه الجرائم، بالإضافة إلى العواقب النظامية بعد الإدانة، والحالات التي تتحول فيها الجنحة إلى جناية بحسب خطورة الفعل أو النتائج المترتبة عليه.

الأسئلة الشائعة