الفصل التعسفي في نظام العمل السعودي

الفصل التعسفي في نظام العمل السعودي من أبرز الإشكالات التي تواجه العاملين في القطاع الخاص، حيث يتعرّض بعض الموظفين لإنهاء خدماتهم دون مبرر مشروع أو دون اتباع الإجراءات النظامية التي نصّ عليها النظام وتكمن أهمية هذا الموضوع في أن الفصل التعسفي لا يمس فقط مصدر دخل العامل، بل يمتد أثره إلى أمنه المهني واستقراره الاجتماعي

وفي هذا المقال، نسلّط الضوء على مفهوم الفصل التعسفي في نظام العمل السعودي، ونوضّح الفرق بينه وبين الفصل التأديبي، مع قراءة تفصيلية للمادة (80)  كما نستعرض كيفية إثبات الفصل التعسفي، والخطوات العملية لتقديم شكوى أمام مكتب العمل، بالإضافة إلى حساب التعويض المستحق، وبيان حقوق العامل بعد الفصل، وما إذا كان يمكن اعتبار الفصل خلال فترة التجربة تعسفيًا، وختامًا نناقش متى يتحول الفصل إلى مخالفة تمس كرامة الإنسان وتعدّ جريمة تمييز.

ما هو الفصل التعسفي في نظام العمل السعودي وكيف يختلف عن الفصل التأديبي؟

الفصل التعسفي في نظام العمل السعودي هو فصل العامل بدون سبب مشروع أو دون اتباع الإجراءات النظامية المنصوص عليها في نظام العمل، مما يجعل إنهاء العقد غير مبرّر قانونياً، ويعد خرقاً للمادة (77) من النظام التي تُلزم بتعويض العامل بالمقابل

أما الفصل التأديبي هو فصل العامل إذا ارتكب مخالفة جسيمة من المخالفات  المحددة في المادة 80 مثل الاعتداء، التزوير، أو الغياب المفرط .

قراءة متعمقة في المادة 80 من نظام العمل السعودي

تنص تعديلات المادة 80 على تسع حالات يُعتبر فيها الفصل مشروعاً دون مكافأة أو تعويض، بشرط منح العامل فرصة الدفاع وإثبات براءته وتشمل الحالات:

•  الاعتداء على صاحب العمل أو أحد إدارييه.
•  الإخلال الجسيم بالتزامات العمل.
• السلوك السيئ أو المخل بالشرف.
• تعمد إلحاق خسارة مادية.
• التزوير للحصول على العمل.
•  فصل العامل خلال فترة الاختبار.
• التغيب غير المبرر (أكثر من 30 يوماً سنوياً أو 15 يوماً متصلة) بعد إنذار كتابي.
•  استغلال المركز الوظيفي لمكاسب شخصية.
•  إفشاء أسرار العمل  .

كيف تُثبت وجود فصل تعسفي؟ دليلك لحشد الأدلة القاطعة

لإثبات الفصل التعسفي في نظام العمل السعودي، يجب على العامل جمع أدلة واضحة تثبت أن إنهاء التعاقد تم دون سبب مشروع أو بالمخالفة لنظام العمل. ويمكن الاستناد إلى الأدلة التالية:

• عقد العمل:  نسخة من العقد المبرم بين العامل وصاحب العمل توضح طبيعة العمل، والمهام، ومدة العقد، وحقوق الطرفين.
• المراسلات الرسمية:  أي رسائل إلكترونية أو خطابات ورقية تثبت وجود إشعار بالفصل دون توضيح مبرر مشروع، أو تثبت سوء نية صاحب العمل.
• سجلات الحضور والانصراف:  تُستخدم لإثبات التزام العامل بالدوام وعدم التغيب أو الإخلال بالواجبات.
• تقارير الأداء والتقييمات:  قد تُستخدم لإثبات كفاءة العامل وحسن سلوكه المهني.
• إفادات الشهود:  مثل شهادات الزملاء أو المشرفين المباشرين الذين يمكنهم نفي الادعاءات التي قد يستخدمها صاحب العمل لتبرير الفصل.
• غياب التحقيق النظامي:  إذا تم فصل العامل دون إجراء تحقيق رسمي ومنحه فرصة الدفاع عن نفسه، فهذا يعد مخالفة صريحة للإجراءات النظامية.
• مخالفة المادة (80) من نظام العمل: إذا لم يستند قرار الفصل إلى أحد الأسباب المنصوص عليها حصريًا في هذه المادة، فإن ذلك يُعد دليلاً على وجود فصل غير مشروع.

تعرف أيضا على كيفية إثبات الفصل التعسفي

خطوات عملية لتقديم شكوى الفصل التعسفي لمكتب العمل

إذا تعرّض العامل إلى الفصل التعسفي في نظام العمل السعودي، فبإمكانه اتخاذ خطوات نظامية واضحة لضمان حفظ حقوقه ومباشرة المطالبة بها أمام الجهات المختصة، وفي مقدمتها مكتب العمل. وفيما يلي خطوات تقديم الشكوى بشكل عملي:

•  محاولة التسوية الودية داخل المنشأة: يُنصح العامل أولًا بمحاولة حل النزاع وديًا مع صاحب العمل من خلال التفاهم المباشر أو رفع الشكوى إلى إدارة الموارد البشرية أو الشؤون الإدارية.
•  تسجيل شكوى إلكترونية عبر منصة وزارة الموارد البشرية: يمكن للعامل تقديم شكوى رسمية عبر منصة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية،  مع إرفاق المستندات الداعمة.
• التوجه إلى مكتب العمل المختص: بعد تسجيل الشكوى، يُحوّل الموضوع تلقائيًا إلى مكتب العمل التابع للمنطقة الجغرافية التي تقع فيها المنشأة، حيث تتم محاولة التسوية ودعوة الطرفين لجلسة صلح خلال مدة لا تتجاوز 21 يومًا.
•  حضور جلسة الصلح وتقديم الأدلة: يُطلب من العامل الحضور في الموعد المحدد وتقديم الوثائق التي تُثبت وقوع الفصل التعسفي في نظام العمل السعودي (مثل العقد، المراسلات، إشعار الفصل، إلخ).
•  الإحالة إلى المحكمة العمالية (إذا فشلت التسوية): في حال تعذر الوصول إلى حل ودي خلال فترة التسوية، يُحال النزاع تلقائيًا إلى المحكمة العمالية المختصة لمباشرة إجراءات التقاضي النظامية.
•  المتابعة عبر “ناجز”: بعد إحالة القضية، يمكن للعامل متابعة تقدمها ورفع المذكرات إلكترونيًا من خلال منصة ناجز، دون الحاجة إلى مراجعة المحكمة حضوريًا في أغلب الحالات.

ما قيمة التعويض عن الفصل التعسفي في النظام السعودي

تضمن المادة رقم  77 من نظام العمل تعويضاً للمتضرر وفق التالي:

• عقد غير محدد المدة: أجر 15 يوماً عن كل سنة خدمة، ولا يقل التعويض عن أجر شهرين  .
• عقد محدد المدة: أجر المدة المتبقية من العقد.

بالإضافة إلى مكافأة نهاية الخدمة، فبحسب المادة 84، يتم دفع نصف شهر عن أول 5 سنوات، وشهر كامل عن كل سنة بعد ذلك  .

حقوق العامل بعد الفصل التعسفي

إلى جانب التعويض والمكافأة، للعامل الحق في:

• إصدار شهادة خبرة لمدة الخدمة (المادة 64).
• عودة للوظيفة إذا ثبت أن الفصل كان وهمياً، خصوصاً في العقود محددة المدة.
• تعويض معنوي إذا تسبّب الفصل في أضرار نفسية وأسرية.
• استرجاع الوثائق الأصلية والجوازات والمستندات الشخصية في غضون أسبوع من تاريخ انتهاء الخدمة 

إطلع على طريقة تقديم شكوى فصل تعسفي في السعودية

الفصل التعسفي خلال فترة التجربة

يحق لصاحب العمل إنهاء عقد العامل خلال فترة التجربة دون إشعار أو تعويض سواء كان السبب مشروعاً أو لا  .

مع ذلك، يجب أن تكون المدة والمتطلبات وفق العقد، والتسريح خلال التجربة لا يمنع دفع مكافأة نهاية الخدمة إذا تجاوز العامل فترة الاستحقاق.

التمييز والفصل التعسفي: متى يتحول الفصل إلى جريمة؟

وفقًا لما نص عليه نظام العمل السعودي في المادة (3)، فإن جميع العاملين يجب أن يُعاملوا على قدم المساواة دون تمييز، ويُعد الإخلال بذلك مخالفة صريحة للنظام.

 وفي حال ثبت أن صاحب العمل فصل العامل بسبب من هذه الأسباب التمييزية، فإن ذلك يُعرضه للمساءلة أمام الجهات المختصة، وقد يواجه جزاءات تأديبية أو غرامات مالية وفقًا للائحة المخالفات والجزاءات المعتمدة من وزارة الموارد البشرية.

---

في ضوء ما استعرضناه حول الفصل التعسفي في نظام العمل السعودي، يتضح أن النظام وضع ضوابط صارمة لحماية العلاقة التعاقدية وضمان التوازن بين حقوق العامل وصاحب العمل. بدءًا من تعريف الفصل التعسفي وتمييزه عن الفصل التأديبي، مرورًا بتحليل دقيق للمادة (80) التي تحدد حالات الفصل المشروع، ووصولًا إلى طرق إثبات التعسف، وآليات تقديم الشكاوى أمام مكتب العمل، والتعويضات المستحقة، والحقوق التي تترتب بعد انتهاء العلاقة العمالية.

كما تبيّن أن الفصل خلال فترة التجربة لا يُعفي من الالتزام بالضوابط، وأن التمييز في قرار الفصل قد يرتقي ليشكّل جريمة تمس كرامة العامل. لذلك، فإن الإلمام بهذه التفاصيل ليس رفاهية، بل ضرورة لكل من العامل وصاحب العمل لضمان الامتثال للنظام وتفادي النزاعات والمساءلة.

الأسئلة الشائعة