النظام الأساسي للحكم

النظام الأساسي للحكم


يُعد النظام الأساسي للحكم في السعودية الوثيقة النظامية الأهم التي تُنظم الهيكل السياسي والإداري للمملكة ويُعتبر بمثابة “الدستور” ، حيث يُحدد المبادئ العامة، ونظام الحكم، ومقومات المجتمع، والحقوق والواجبات، وغيرها من الأسس التي تقوم عليها المملكة العربية السعودية  

وسيتناول هذا المقال أبرز الجوانب التي يُنظمها النظام الأساسي للحكم بدءًا من مرجعيته الشرعية، ومرورًا بـ هيكل الحكم الملكي، وآليات ضمان الحقوق والواجبات، وتوزيع السلطات الثلاث، إلى أدوات الرقابة والمساءلة، والمبادئ الاقتصادية والتنموية التي يرتكز عليها، وصولًا إلى دوره في تعزيز الوحدة الوطنية، ومكانة مجلس الشورى ضمن المنظومة التشريعية، وذلك في إطار تحليلي شامل مدعوم بالمواد النظامية. 

النظام الأساسي للحكم في السعودية

النظام الأساسي للحكم في السعودية هو المرجع الأعلى في تنظيم شؤون الدولة، ويُعد بمثابة “الدستور” في المملكة، حيث يوضح الإطار الذي تُمارس فيه السلطات الثلاث: التنفيذية، والتنظيمية، والقضائية، كما يُرسخ مبادئ الشورى والعدالة والمساواة المستمدة من الشريعة الإسلامية.

 صدر هذا النظام بالأمر الملكي رقم (أ/90) بتاريخ 27 شعبان 1412هـ، ليُجسد توجه المملكة نحو بناء دولة مؤسسات قائمة على قواعد واضحة تحكم العلاقة بين الدولة والمواطن، وتضمن الحقوق وتحدد الواجبات، في ظل التزام راسخ بثوابت الإسلام ومبادئ الحكم الرشيد.

مبادئ الشريعة الإسلامية في النظام الأساسي للحكم

ينص النظام الأساسي للحكم  في المادة (الأولى) على أن المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم  .

 وتؤكد رقم (٧)  على أن الحكم في المملكة يستمد سلطته من كتاب الله وسنة رسوله، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة .

هذا التأصيل الشرعي يُعزز من مكانة الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع في المملكة، ويُؤكد التزام الدولة بتطبيق أحكام الإسلام في جميع مجالات الحياة .

هيكل الحكم الملكي في السعودية: من هيئة البيعة إلى مجلس الوزراء

يُحدد النظام الأساسي للحكم في السعودية في المادة رقم (٥) وتعديلاتها أن نظام الحكم ملكي، ويكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، ويُبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله وسنة رسوله  .

الحقوق والواجبات في النظام الأساسي: كيف تكفل الدولة حقوق المواطن؟

الحقوق والواجبات في النظام الأساسي كيف تكفل الدولة حقوق المواطن؟
الحقوق والواجبات في النظام الأساسي كيف تكفل الدولة حقوق المواطن؟

يُقر النظام الأساسي للحكم في السعودية مجموعة من الحقوق والواجبات للمواطنين والتى وردت في المواد الآتية :

  • المادة (٢٦): تنص على أن الدولة تحمي حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية
  • المادة (٢٧): تؤكد على أن الدولة تكفل حق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة، وتدعم نظام الضمان الاجتماعي
  • المادة (٢٨):  وتنص على أن الدولة تُيسر  العمل لكل قادر عليه، وتسن الأنظمة التي تحمي العامل وصاحب العمل .
  • المادة (٢٩) : وتختص برعاية الموهوبين في المجالات العلمية والأدبية ومجالات البحث العلمي 
  • المادة (٣٠): وتتناول التزام المملكة بالتعليم ومكافحة الأمية
  • المادة (٣١): تتناول حق المواطن في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة 

تعرف أيضا على المقاصة في النظام السعودي

السلطات الثلاث في المملكة: توزيع الصلاحيات وفق النظام الأساسي

يُحدد النظام الأساسي للحكم السلطات الثلاث في الدولة: السلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، والسلطة التنظيمية .

 وتنص المادة رقم (٤٤) على أن هذه السلطات تتعاون في أداء وظائفها ويكون الملك هو مرجع هذه السلطات

كما تُؤكد المادة رقم (٤٦) على أن السلطة القضائية مستقلة، ولا سلطان عليها إلا الشريعة الإسلامية . وتُوضح المواد اللاحقة مهام كل سلطة وصلاحياتها، بما يضمن توازن السلطات وتكاملها .

 الرقابة والمساءلة في النظام الأساسي: دور ديوان المراقبة العامة

يُولي النظام الأساسي للحكم  أهمية كبيرة للرقابة والمساءلة، حيث تُنظم المادة رقم(٧٨) دور أجهزة الرقابة في مراقبة الإيرادات والمصروفات وجميع أموال الدولة .

كما تُشير رقم (٧٩) إلى رفع جهات الرقابة تقارير دورية إلى الملك ومجلس الوزراء، مما يُعزز من الشفافية والمساءلة في إدارة المال العام  .


يمكنك الإطلاع على مقال الدعوى المستعجلة في النظام السعودي: حماية الحقوق العاجلة بإجراءات نظامية دقيقة

المبادئ الاقتصادية في النظام الأساسي: بين العدالة والتنمية المستدامة

المبادئ الاقتصادية في النظام الأساسي بين العدالة والتنمية المستدامة
المبادئ الاقتصادية في النظام الأساسي بين العدالة والتنمية المستدامة

يُحدد النظام الأساسي للحكم  المبادئ الاقتصادية التي تقوم عليها المملكة في المواد النظامية الآتية:

  • المادة رقم (١٤) : تؤكد على أن جميع الثروات الطبيعية ومواردها ملك للدولة، وتُحسن الدولة استغلالها بما يحقق مصلحة الوطن .
  • المادة رقم (١٥) : تؤكد على الحفاظ على موارد الدولة وعدم منح امتياز فيما يخصها دون نظام يحدد ذلك 
  •  المادة رقم (١٦) : تشير إلى حرمة الأموال العامة وضرورة الحفاظ عليها 
  • المادة رقم (١٧): حددت مقومات الكيان الاقتصادي للمملكة في (الملكية ، رأس المال والعمل)
  • المادة رقم (١٨):  تؤكد على حرية وحرمة الملكية الخاصة
  • المادة رقم (١٩): تحظر المصادرة العامة للأموال إلا بحكم قضائي
  • المادة رقم (٢٠): تنظم فرض الضرائب والرسوم 
  • المادة رقم (٢١): تنظم جني الزكاة 
  • المادة رقم (٢٢): تضع دعائم التنمية الاقتصادية والاجتماعية على أسس علمية وخطط مدروسة وعادلة

الوحدة الوطنية في النظام الأساسي: تعزيز التلاحم الاجتماعي

يُعزز النظام الأساسي للحكم في السعودية من مفهوم الوحدة الوطنية، حيث تنص المادة رقم (١٢) على أن تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام .

كما تُؤكد المادة رقم (٩)   على أن الأسرة هي نواة المجتمع السعودي، ويُربى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية، وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله، ولرسوله، ولأولي الأمر  .

مجلس الشورى ودوره في التشريع: قراءة في النظام الأساسي

يُحدد النظام الأساسي للحكم  دور مجلس الشورى في النظام السياسي، حيث تنص المادة رقم (٦٨) على أن يُنشأ مجلس الشورى ويُحدد نظامه واختصاصاته .

وتُوضح المادة رقم (٦٩) أن للملك أن يدعو مجلس الشورى  ومجلس الوزراء لمناقشة ما يراه من أمور 


يُعد النظام الأساسي للحكم في السعودية من أهم الركائز التي تحفظ استقرار المملكة  وتنظم شؤونها العامة، فهو المرجع الأعلى الذي تستند إليه أنظمة المملكة في تنظيم سلطاتها، وحماية حقوق المواطنين، وترسيخ مبادئ الشورى والعدالة والوحدة الوطنية. ويعكس هذا النظام التوازن الدقيق بين الثوابت الشرعية ومتطلبات العصر، مما يضمن استمرارية الحكم على أسس واضحة ومنضبطة. وفي هذا المقال، استعرضنا الجوانب الجوهرية لهذا النظام، من مرجعيته الشرعية، وهيكل الحكم الملكي، وضمان الحقوق والواجبات، إلى توزيع السلطات الثلاث، وآليات الرقابة والمساءلة، وأبرز المبادئ الاقتصادية، إضافة إلى دوره في تعزيز الوحدة الوطنية، ومكانة مجلس الشورى كجزء من العملية التنظيمية للمملكة 

قم بتقييم المقالة

لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *