تُعد جرائم الأحداث في السعودية 2025 من الموضوعات التي تكتسب أهمية متزايدة في ظل التطورات المتلاحقة في الأنظمة المعنية بحماية النشء، والحرص على تحقيق التوازن بين العدالة والإصلاح. فتعامل النظام السعودي مع الأحداث لا ينبع من منطق العقاب وحده، بل يستند إلى فلسفة نظامية واجتماعية تقوم على حماية القاصر، ومعالجة أسباب الانحراف، وتوفير بيئة نظامية تراعي خصائصه العمرية والنفسية.
ويتناول هذا المقال أبرز المحاور المرتبطة بجريمة الحدث في النظام السعودي لعام 2025، بدءًا بتعريف الحدث بحسب النظام، مرورًا بأنواع جرائم الأحداث ما بين الجنوح والتأديب والتوقيف الجنائي، وآليات تقدير سن الحدث ودور اللجنة الطبية، ثم نُسلط الضوء على إجراءات القبض والضبط التي تحكمها مبادئ ، ونختم باستعراض دور محاكم الأحداث المتخصصة، والتدابير البديلة للعقوبة، والفروق في المعاملة النظامية حسب الفئة العمرية، بما يعكس التوجه الإصلاحي المتكامل الذي تتبناه المملكة في معالجة قضايا الأحداث.
من هو الحدث حسب نظام الأحداث السعودي 2025؟
وفق المادة الأولى من نظام الأحداث، يُعرَّف الحدث بأنه “كل ذكر أو أنثى أتمّ السابعة ولم يتم الثامنة عشرة من عمره وقت ارتكاب الفعل محل المساءلة أو وقت اتخاذ التدبير”. ولا يُعد من وقعت عليه جريمة حدثًا في مفهوم النظام، بل هو ضحية.
هذا التعريف يُحدد الفئة التي تطبق عليها أحكام النظام، ويوضح أن الهدف من المحاسبة هنا ليس العقاب بقدر ما هو إصلاح سلوك الحدث ومنع تكرار المخالفة.
أنواع جرائم الأحداث في السعودية 2025: جنوح وتأديب أم توقيف جنائي؟
تُصنّف جرائم الأحداث إلى نوعين رئيسيين:
الجنوح التأديبي
وهي الأفعال التي لا تُعد جناية في الأصل، مثل التغيب عن المنزل، أو السلوكيات غير المنضبطة. تُعالَج هذه الأفعال بتوجيهات أسرية، أو إحالة إلى وحدات الرعاية، دون توقيف.
الجرائم الجنائية
تشمل الأفعال التي يعاقب عليها النظام العام مثل السرقة، الاعتداء، التحرش… إلخ، وتُطبّق على مرتكبها من الأحداث إجراءات خاصة تراعي العمر والظروف
ويُراعى في جرائم الأحداث في السعودية 2025 السن، والدافع، وظروف الجريمة لتحديد الإجراء المناسب.
كيفية تقدير سن الحدث؟ دور اللجنة الطبية في تحديد المسؤولية
في بعض الحالات، يُثار الشك حول سن الحدث الحقيقي، خاصة عندما لا تتوافر وثائق رسمية موثوقة أو يُدّعى سن غير دقيق بغرض التهرب من المسؤولية النظامية.
وهنا يأتي دور اللجنة الطبية المختصة، التي يتم تكليفها رسميًا لتقدير سن الحدث باستخدام الوسائل الفنية والطبية مثل الأشعة والتقارير السريرية ، كما حددت المادة رقم (٣) من النظام
إجراءات القبض والضبط: حماية الطفل بمنطق الإصلاح
تنص المادة رقم ( ٥) من نظام الأحداث السعودي، على أن إجراءات القبض على الحدث يجب أن تتم وفق ضوابط تحفظ كرامته وتراعي سنه.
كما يجب إبلاغ ولي الأمر فورًا، وتقديم الحدث إلى جهة مختصة مثل دار الملاحظة الاجتماعية ،كما تؤكد المواد 14 و15 على ضرورة اتخاذ الإجراءات بهدف الإصلاح لا العقوبة، وبما يحقق مصلحة الحدث.
محاكم الأحداث المتخصصة: قضاة مهيّؤون نفسيًّا واجتماعيًّا
تم إنشاء دوائر متخصصة للنظر في جرائم الأحداث في السعودية 2025 ، حيث يشترط في القضاة المكلفين التدريب على الجوانب النفسية والاجتماعية للأطفال، مع مراعاة ما جاء في المادة 7 من النظام بشأن آليات المحاكمة الخاصة بالحدث.
التدابير الإصلاحية بدلاً من العقوبة: تأهيل ودمج ضمن النظام
يعتمد نظام الأحداث في السعودية نهجًا إصلاحيًّا يقدّم التدابير التأديبية والتربوية كبدائل للعقوبة التقليدية، انطلاقًا من مبدأ أن الحدث ليس مجرمًا بالمعنى الكامل بل هو بحاجة إلى التوجيه والتقويم.
وبدلاً من السجن أو العقوبات المشددة، يتيح النظام خيارات متعددة مثل الإلحاق بمراكز متخصصة للتأهيل، أو فرض الالتزام بحضور برامج سلوكية، أو تكليف الحدث بأعمال اجتماعية تطوعية ويهدف هذا النهج إلى حماية مستقبل الحدث، وتجنيبه وصمة الإجرام، والعمل على إعادة دمجه في المجتمع كفرد نافع.
وقد أكدت المادة (15) من نظام الأحداث أن المحكمة تأخذ في الاعتبار عمر الحدث وسجله السلوكي وظروفه الخاصة عند تقرير التدبير الملائم، مما يعزز البُعد الإنساني والاجتماعي للنظام القضائي في معالجة قضايا الأحداث.
الفرق بين عقوبات الأحداث حسب العمر: معايير عمرية وتدابير نظامية
يفرّق نظام الأحداث السعودي بين المراحل العمرية عند ارتكاب الحدث لفعل معاقب عليه، حيث تختلف عقوبات جرائم الأحداث في السعودية 2025 تبعًا لسن الحدث وقت الفعل كالآتي:
- أولًا: من لم يُتم الخامسة عشرة من عمره: إذا لم يكن الحدث قد أتم (15) سنة وقت ارتكابه للفعل المعاقب عليه، فإن النظام لا يُخضعه للعقوبات الجنائية، بل يُطبق عليه أحد التدابير الإصلاحية المنصوص عليها في المادة (15/1) من نظام الأحداث، وتشمل:
- التوبيخ والتحذير
- تسليمه لوليه أو من له الولاية.
- منعه من ارتياد أماكن معينة لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات.
- منعه من مزاولة عمل معين.
- وضعه تحت المراقبة الاجتماعية لمدة لا تتجاوز سنتين.
- إلزامه بواجبات معينة لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات.
- الإيداع في مؤسسة اجتماعية أو علاجية لمدة لا تتجاوز سنة (لمن تجاوز الثانية عشرة).
- ثانيًا: من أتم الخامسة عشرة من عمره: أما إذا كان الحدث قد أتم (15) سنة وقت ارتكاب الفعل، فتُطبّق عليه العقوبات المقررة في المادة (1/15) مع استثناء عقوبة السجن، حيث:
- يُعاقب بالإيداع في دار الملاحظة الاجتماعية لمدة لا تتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة للفعل.
- لا يُلزم بالحد الأدنى للعقوبة.
- إذا كانت الجريمة تستوجب القتل، يُكتفى بالإيداع في الدار لمدة لا تتجاوز عشر سنوات.
- ثالثًا: سلطة المحكمة التقديرية: للمحكمة – وفقًا للفقرة (3) من نفس المادة – أن تحكم على الحدث الذي أتم الخامسة عشرة بتدبير أو أكثر من التدابير المخصصة للفئات الأصغر سنًا، إذا تبين لها من أخلاقه أو ماضيه أو ظروفه ما يدل على إمكانية إصلاحه دون الحاجة إلى العقوبة الأشد.
- رابعًا: مرونة في التنفيذ والتعديل؛ يجوز للمحكمة في أي وقت – وفقًا للفقرة (5) – فرض تدبير جديد أو إبدال تدبير قائم أو إنهاؤه، مع تكليف الجهات التنفيذية المختصة بمتابعة تنفيذ هذه التدابير.
تعرف أيضا على عقوبة التحرش في المملكة العربية السعودية
في الأخير يتضح أن جرائم الأحداث في السعودية 2025 تُعد محورًا مهمًا في بناء منظومة عدلية تُراعي مصلحة الحدث وتوازن بين مقتضيات العدالة ومبادئ الإصلاح ، وقد أوضح النظام السعودي بشكل دقيق من هو الحدث، وحدد أنواع الجرائم التي قد تصدر عنه، مع تصنيفات تراعي البُعد السلوكي والتربوي، لا فقط الجنائي. كما أتاح أدوات موضوعية لتقدير سن الحدث، مثل دور اللجنة الطبية، لضمان عدالة إجرائية دقيقة ،وسواء في إجراءات القبض والضبط، أو في آلية التقاضي أمام محاكم متخصصة يقودها قضاة مؤهّلون نفسيًا واجتماعيًا، يظهر بوضوح أن الغاية الأساسية ليست العقاب بل التوجيه وإعادة الدمج. وقد جاءت التدابير الإصلاحية بدلًا من العقوبة، والتمييز بين الفئات العمرية في تقرير العقوبة، لتؤكد التزام المملكة بتعزيز حماية الأطفال والناشئة، وخلق بيئة نظامية وإنسانية تُسهم في إعداد جيل سويّ، بعيد عن الجريمة، قريب من الإصلاح والانتماء.
الأسئلة الشائعة
ما السن الذي يُعد فيه الفرد حدثًا في السعودية؟
كل من لم يتم 18 عامًا وقت ارتكاب الفعل، ويُعد في نطاق نظام الأحداث
هل يُسجن الحدث مباشرة عند ارتكاب جريمة؟
لا، بل تُفضّل التدابير الإصلاحية مثل التأهيل والإرشاد الأسري قبل العقوبة
هل يمكن إخفاء هوية الحدث إعلاميًا؟
نعم، الجلسات سرية، ويُمنع نشر الاسم أو الصورة حفاظًا على سمعة الحدث.
لا توجد تعليقات