شروط عمل الموظف الحكومي في القطاع الخاص في السعودية تُعد من أكثر الموضوعات التي يثار حولها التساؤل، خصوصًا في ظل ما تشهده المملكة من تحولات اقتصادية وتنظيمية تهدف إلى رفع كفاءة الموارد البشرية وتحقيق التكامل بين القطاعين العام والخاص. ومع تنامي الفرص في السوق الحر، يتطلع بعض الموظفين الحكوميين إلى مزاولة أنشطة خاصة أو أعمال تجارية، ما يستوجب فهم الضوابط التي يضعها النظام لتحديد ما هو مسموح وما يُعد مخالفة.
في هذا المقال، نستعرض بوضوح شروط عمل الموظف الحكومي في القطاع الخاص في السعودية، ونتناول أهم الاستثناءات النظامية التي تسمح له بمزاولة مهنة أو نشاط خاص، بالإضافة إلى الإجابة على سؤال شائع: هل يمكن للموظف الحكومي فتح سجل تجاري دون مخالفة النظام؟. كما نشرح الفرق بين العمل في القطاع الخاص والعمل الحر، ونوضح الحالات التي قد يفقد فيها الموظف وظيفته بسبب مخالفة تلك الضوابط، مع تسليط الضوء على الإجراءات النظامية المتبعة عند اكتشاف مثل هذه الحالات.
شروط عمل الموظف الحكومي في القطاع الخاص
يمنع نظام الخدمة المدنية على الموظف الجمع بين الوظيفة الرسمية والعمل الخاص، إلا بإذن مسبق . وتنص المادة رقم (13) على منع الاشتغال بالتجارة أو تأسيس الشركات، وتسمح بترخيص من مجلس الوزراء للعمل في القطاع الخاص خارج أوقات الدوام الرسمي .
كما تؤكد المادة 14 أنه لا يجوز الجمع بين الوظيفة وممارسة مهنة أخرى، إلا لمن يُسَوَّغ لهم بموجب لائحة يصدرها مجلس الوزراء .
ما عقوبة الجمع بين الوظيفة الحكومية والعمل الخاص؟
يعُد الجمع بين الوظيفة الحكومية والعمل في القطاع الخاص دون الحصول على إذن نظامي مخالفة صريحة لنظام الخدمة المدنية، ويترتب عليه عقوبات تأديبية تختلف باختلاف جسامة المخالفة وطبيعة العمل وتشمل العقوبات المحتملة:
- الإنذار أو اللوم الإداري.
- الخصم من الراتب أو الحرمان من العلاوة السنوية.
- النقل التأديبي من موقعه الوظيفي.
- الفصل من الوظيفة في حال تكرار المخالفة أو تعمد الإخلال الجسيم بالمهام الوظيفية.
كما قد يؤدي العمل الخاص إلى مساءلة الموظف أمام هيئة الرقابة ومكافحة الفساد إذا اقترن الأمر بتضارب مصالح أو استغلال للمنصب الوظيفي.
استثناءات النظام: متى يسمح لموظف حكومي بممارسة عمل تجاري أو خاص؟
هناك استثناءات نظامية محددة نصت عليها لائحة الموارد البشرية تتيح لبعض الموظفين ممارسة عمل خاص بعد استيفاء شروط عمل الموظف الحكومي في القطاع الخاص في السعودية ، هذه الاستثناءات تشمل:
- الحصول على إذن مسبق من الجهة المختصة: أو الوزير المعني، إذا كان العمل المطلوب لا يتعارض مع طبيعة الوظيفة ولا يؤثر على أدائها.
- ممارسة مهن حرة محددة: مثل الطب، المحاماة، أو الاستشارات الهندسية، بشرط أن تكون هذه المهنة مرخصة من جهة الاختصاص وأن يُصرح بها من مجلس الوزراء أو الوزير المختص.
- المشاركة في الشركات العائلية : بشكل غير تنفيذي أو غير إداري، بشرط ألا يكون للموظف دور مباشر في الإدارة أو اتخاذ القرار، وألا يؤثر ذلك على نزاهته أو مهامه الوظيفية.
- الإعارة أو الانتداب: أو التفرغ المؤقت للعمل في جهة غير حكومية أو قطاع خاص، وذلك حسب ما تسمح به اللائحة التنفيذية للموارد البشرية، في المواد من (70) إلى (75)، مع استمرار العلاقة الوظيفية مع الجهة الحكومية الأصلية.
- العمل في مجال التعليم أو التدريب بنظام الساعات أو الدوام الجزئي: إذا كان في غير أوقات العمل الرسمية وحصل الموظف على إذن رسمي.
وبالتالي، فإن شروط عمل الموظف الحكومي في القطاع الخاص في السعودية تعتمد على هذه الاستثناءات ومدى التزام الموظف بالإجراءات الرسمية المطلوبة، لأن تجاوزها يُعد مخالفة تستوجب المساءلة.
هل يمكن للموظف الحكومي فتح سجل تجاري دون مخالفة نظام الخدمة المدنية؟
فتح سجل تجاري يُعد من أبرز صور ممارسة الأعمال التجارية، وهو ما يتعارض مع طبيعة الوظيفة الحكومية التي تتطلب التفرغ الكامل والنزاهة والاستقلال عن المصالح الخاصة.
ولذلك، فإن إنشاء سجل تجاري بدون الحصول على إذن رسمي يُعتبر مخالفة صريحة، ويُعرّض الموظف للمساءلة والعقوبات التأديبية التي قد تصل إلى الفصل من الوظيفة.
ويُشترط – في حال السعي للحصول على استثناء – أن يكون النشاط التجاري:
- لا يتعارض مع واجبات الوظيفة الحكومية.
- لا يؤثر على أوقات العمل الرسمي أو التفرغ الوظيفي.
- لا يُشكل تضارب مصالح أو استغلالًا للمنصب الوظيفي.
- الحصول على تصريح صريح من الوزير المختص أو الجهة المخولة بذلك.
الفرق بين العمل في القطاع الخاص والعمل الحر للموظف الحكومي
عند الحديث عن شروط عمل الموظف الحكومي في القطاع الخاص في السعودية في القطاع من المهم التمييز بين العمل في القطاع الخاص والعمل الحر، فلكلٍ منهما ضوابط نظامية مختلفة كالآتي:
العمل في القطاع الخاص
يعني أن يعمل الموظف الحكومي لدى جهة خاصة (شركة، مؤسسة، منشأة…) بموجب عقد عمل مقابل أجر، سواء بدوام كامل أو جزئي. وهذا النوع من العمل يُعد مخالفًا لنظام الخدمة المدنية ما لم يحصل الموظف على إذن رسمي مسبق من الجهة الحكومية أو مجلس الوزراء
العمل الحر
يشير إلى ممارسة مهنة أو نشاط شخصي مستقل، مثل الطب، المحاماة، الاستشارات الهندسية، أو الترجمة، دون التبعية لجهة عمل أخرى.
وبالتالي، فإن العمل في القطاع الخاص يرتبط بالتوظيف لدى جهة أخرى، بينما العمل الحر يُمارس بشكل مستقل. وكلاهما يحتاجان إلى موافقة نظامية.
تعرف أيضا على حقوق وواجبات الموظف العام في النظام السعودي
حالات فقدان الوظيفة الحكومية بسبب العمل في القطاع الخاص
تُعد ممارسة أي نشاط خاص دون الالتزام بشروط عمل الموظف الحكومي في القطاع الخاص في السعودية مخالفة جسيمة، قد تُصنف ضمن حالات الإخلال بواجبات الوظيفة العام ، ومن أبرز الحالات التي قد تؤدي إلى إنهاء خدمة الموظف الحكومي :
- ممارسة وظيفة لدى منشأة خاصة : بعقد عمل ثابت أو جزئي، دون الحصول على موافقة الجهة الحكومية.
- فتح سجل تجاري: أو تأسيس منشأة خاصة دون ترخيص رسمي، سواء باسمه أو باسم أحد أفراد عائلته بقصد التغطية.
- استغلال النفوذ الوظيفي : أو المعلومات الحساسة لتحقيق منافع شخصية في القطاع الخاص.
بناءً عليه، فإن ممارسة العمل في القطاع الخاص دون إذن رسمي ليست فقط مخالفة، بل قد تترتب عليها خسارة الوظيفة الحكومية بشكل نهائي، خصوصًا إذا ثبت الإخلال بشروط عمل الموظف الحكومي في القطاع الخاص في السعودية
الإجراءات النظامية في حال اكتشاف عمل موظف حكومي في وظيفة ثانية خاصة
عند اكتشاف أن موظفًا يعمل في وظيفة ثانية بالمخالفة لشروط عمل الموظف الحكومي في القطاع الخاص في السعودية ، فإن الجهة الحكومية التي يتبع لها تتخذ سلسلة من الإجراءات النظامية، وتبدأ الإجراءات بالتالي:
- فتح تحقيق إداري: تباشر الإدارة المعنية بالرقابة أو المتابعة في الجهة الحكومية التحقيق مع الموظف فورًا بعد التأكد من الواقعة، ويُطلب منه توضيح ظروف العمل الخاص ووجود أي تصاريح نظامية.
- تشكيل لجنة تأديبية: تُشكّل لجنة مختصة للنظر في المخالفة بناءً على نتائج التحقيق، لتحديد مدى مخالفة الموظف للمادة (13) من نظام الخدمة المدنية التي تحظر الجمع بين الوظيفة الحكومية وأي عمل آخر دون تصريح.
- توقيع العقوبة المناسبة: إذا ثبتت المخالفة، تُطبّق إحدى العقوبات التأديبية الآتية :
- اللوم أو الإنذار.
- الحسم من الراتب.
- الحرمان من العلاوة السنوية.
- الفصل من الخدمة في الحالات الجسيمة، خاصة عند وجود تضارب مصالح أو استغلال للوظيفة.
- إحالة المخالفة إلى الجهات الرقابية: في حال وجود شبهة فساد، أو استغلال نفوذ، أو ارتباط العمل الخاص بمصلحة شخصية من خلال الوظيفة العامة، تُحال القضية إلى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد للنظر فيها وفق نظامها الخاص.
- إبلاغ الجهات ذات العلاقة: إذا ارتبط الأمر بسجل تجاري أو نشاط غير نظامي، تُخاطب وزارة التجارة وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، وقد يُحال الموظف أيضًا إلى لجنة مكافحة التستر التجاري إذا وُجدت أدلة على ذلك.
- توثيق العقوبة في ملف الخدمة: تُدرج العقوبة في سجل الموظف، ما قد يؤثر على ترقياته أو استحقاقاته مستقبلاً.
ويجدر بالذكر أن الموظف المخالف يحتفظ بحق التظلم أو الطعن في القرار التأديبي أمام جهة التظلمات الإدارية المختصة، أو ديوان المظالم خلال المهلة النظامية المحددة.
من المهم أيضا مراجعة الفرق بين الفصل والاستقالة في نظام العمل السعودي
في ضوء ما تقدّم، يتّضح أن شروط عمل الموظف الحكومي في القطاع الخاص في السعودية تخضع لضوابط نظامية دقيقة تهدف إلى حماية المصلحة العامة، وضمان عدم تعارض الوظيفة الحكومية مع أي مصالح شخصية أو تجارية. فالنظام لا يمنع الموظف تمامًا من العمل الخاص، بل يسمح بذلك في حالات محددة وبشروط واضحة، أهمها الحصول على إذن رسمي، وعدم الإخلال بالدوام أو الواجبات الوظيفية، وتجنّب أي تضارب مصالح أو استغلال للمنصب ولقد استعرضنا في هذا المقال الاستثناءات النظامية التي تتيح للموظف مزاولة العمل الخاص، وناقشنا إمكانية فتح سجل تجاري، وبيّنا الفروقات بين العمل في القطاع الخاص والعمل الحر، إلى جانب حالات فقدان الوظيفة والإجراءات النظامية المتبعة عند اكتشاف المخالفة.
لا توجد تعليقات