تُعد جريمة الابتزاز في النظام السعودي من الجرائم التي زادت مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة وتتجسد هذه الجريمة في تهديد شخص لآخر بنشر معلومات أو صور خاصة به، بهدف الحصول على مكاسب مادية أو معنوية وتُعتبر هذه الجريمة من الجرائم التي تهدد الأمن الاجتماعي وتؤثر سلبًا على الأفراد والمجتمع.
يهدف هذا المقال إلى تقديم تحليل شامل لجريمة الابتزاز، من خلال استعراض تعريف الجريمة، أنواعها، أركانها، العقوبات المقررة لها، طرق إثباتها، الإجراءات النظامية المتبعة لمكافحتها، ودور الجهات الأمنية في ذلك كما سنتناول طرق الوقاية من هذه الجريمة .
تعريف جريمة الابتزاز في النظام السعودي
جريمة الابتزاز في النظام السعودي هي تهديد شخص لآخر بنشر معلومات أو صور خاصة به، بهدف الحصول على مكاسب مادية أو معنوية و يُعتبر الابتزاز الإلكتروني من أبرز صور هذه الجريمة، حيث يتم استخدام وسائل التقنية لتهديد الضحية بنشر معلومات أو صور خاصة ما لم يتم تلبية مطالب المبتز.
تعرف أيضا على عقوبة الجرائم الإلكترونية في السعودية
أنواع جريمة الابتزاز في النظام السعودي
تنقسم جريمة الابتزاز في النظام السعودي إلى عدة أنواع، أبرزها:
- الابتزاز المالي:
هذا النوع من الابتزاز يحدث عندما يقوم الجاني بتهديد الضحية بنشر معلومات أو صور خاصة أو مقاطع فيديو محرجة ما لم يتم دفع مبلغ مالي.
- الابتزاز الجنسي:
في هذا النوع من الابتزاز، يهدد الجاني الضحية بالكشف عن صور أو مقاطع فيديو ذات طابع جنسي، أو يضغط عليها لإجبارها على تلبية رغباته الجنسية.
- الابتزاز الإلكتروني:
يعد الابتزاز الإلكتروني من أكثر أشكال الابتزاز شيوعًا في العصر الحديث، ويشمل استخدام الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي لتهديد الضحية بالكشف عن معلومات خاصة أو نشر صور غير لائقة إذا لم تتم تلبية مطالبه
- الابتزاز العاطفي:
يشمل الابتزاز العاطفي استغلال العواطف والمشاعر الشخصية للضحية. قد يتم استخدام هذه الطريقة في العلاقات العاطفية أو الأسرية، حيث يهدد الجاني بإيذاء الشخص المقرب أو بتدمير العلاقة الشخصية إذا لم يحصل على شيء يريده.
- الابتزاز الاجتماعي:
يتعلق هذا النوع من الابتزاز بالتهديد بكشف معلومات أو تصرفات قد تضر بمكانة الضحية في المجتمع أو تتسبب في تشويه سمعة الضحية.
- الابتزاز السياسي أو المهني:
- هذا النوع من الابتزاز يرتبط باستخدام معلومات قد تضر بمسار الضحية المهني أو السياسي و قد يكون الهدف من هذه العملية هو الحصول على مكاسب مهنية أو مراكز عمل من خلال تهديد الضحية بنشر المعلومات السلبية أو الفضائح.
أركان جريمة الابتزاز في النظام السعودي
تتكون جريمة الابتزاز في النظام السعودي من ثلاثة أركان أساسية:
- الركن الشرعي:
المقصود الركن الشرعي هو وجود نص نظامي في النظام السعودي يجرم الابتزاز وهو ما نجده في العديد من المواد النظامية مثل المادة رقم (٣) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية والتي أقرت عقوبة السجن والغرامة في حالات التهديد أو الابتزاز لشخصٍ لحمله على القيام بفعلٍ أو الامتناع عنه، ولو كان هذا الفعل أو الامتناع مشروعًا
- الركن المادي:
والمقصود به القيام بفعل التهديد أو الابتزاز باستخدام وسائل مادية مثل الصور أو الفيديوهات.
- الركن المعنوي:
وهو توافر القصد الجنائي لدى الجاني، أي علمه بأن فعله يتسبب في إضرار الغير و محظور نظامًا ورغم ذلك يقدم عليه.
عقوبات جريمة الابتزاز في النظام السعودي
نصت المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على أن من يرتكب جريمة الابتزاز أو التشهير باستخدام الوسائل التقنية، يعاقب بالسجن لمدة تصل إلى سنة أو بغرامة مالية تصل إلى 500 ألف ريال سعودي، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
كما تنص المادة الثالثة عشرة من النظام نفسه على أنه يجوز مصادرة أي وسيلة تم استخدامها في ارتكاب الجريمة، مثل الأجهزة، أو البرامج، أو الوسائط التي تحتوي على رسائل الابتزاز أو التشهير.
وعلاوة على ذلك، فقد أكّد القرار الوزاري رقم 2000 لسنة 1435هـ في المادة الرابعة أن جريمة الابتزاز تُعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، ويجوز للجهات المختصة إصدار مذكرة توقيف بحق المتهم متى توافرت الأدلة الكافية ضده، لضمان سير العدالة وحماية الضحية والمجتمع من الأذى.
تحدثنا أيضا فى مقال سابق عن عقوبة الابتزاز في النظام السعودي
طرق إثبات جريمة الابتزاز في النظام السعودي
يولي النظام السعودي أهمية كبيرة لوسائل الإثبات في جرائم الابتزاز، نظرًا لحساسية هذه القضايا وطبيعتها التقنية وتشمل طرق الإثبات المعتمدة في النظام السعودي ما يلي:
- الرسائل النصية والإلكترونية:
تُعد الرسائل التي تحتوي على تهديدات أو طلبات مشبوهة دليلاً قويًا على وقوع جريمة الابتزاز، سواء كانت مرسلة عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل “واتساب” و”سناب شات” و”تويتر”، أو عبر البريد الإلكتروني.
- المكالمات الهاتفية المسجلة:
إذا قام الجاني بابتزاز الضحية صوتيًا، يمكن استخدام تسجيلات المكالمات كدليل (بموافقة الجهات المختصة
- المقاطع المصورة أو الصور المستخدمة في التهديد:
إذا استخدم الجاني صورًا أو مقاطع فيديو شخصية لتهديد الضحية، تُعد هذه الوسائط أدلة دامغة، بشرط أن تُقدَّم من خلال القنوات الرسمية،
- الشهود:
يمكن أن يُدلي الشهود بشهاداتهم حول واقعة الابتزاز، سواء كانوا أطرافًا في المحادثات أو شهود عيان على الواقعة أو سمعوا تهديدات الجاني.
- التحليل الرقمي للأجهزة:
تقوم الجهات المختصة مثل وحدة الجرائم الإلكترونية بتحليل الهواتف المحمولة أو الحواسيب أو الحسابات الإلكترونية الخاصة بالجاني، لاستخراج الأدلة الرقمية،
- الإقرار الصريح من الجاني:
إذا اعترف الجاني أثناء التحقيق أو المحاكمة بارتكابه الجريمة، يُعد هذا الإقرار دليلًا قاطعًا يثبت الجريمة ما لم يُثبت أنه تم تحت الإكراه.
الإجراءات النظامية ضد جريمة الابتزاز في السعودية
تشمل الإجراءات النظامية ضد جريمة الابتزاز في السعودية:
- تقديم بلاغ رسمي:
يمكنك الإبلاغ عن الابتزاز من خلال الرقم الموحد لمكافحة الابتزاز (1909) أو من خلال تطبيق “كلنا أمن“، أو عن طريق تقديم الشكوى إلى مركز الشرطة.
- جمع الأدلة:
يجب توفير جميع الأدلة التي تدعم الدعوى مثل تسجيلات المحادثات، الصور، أو شهادات الشهود.
- استخدام بوابة ناجز:
يمكن رفع دعوى من خلال بوابة “ناجز” الإلكترونية عبر تسجيل الدخول، ثم اختيار تصنيف الدعوى، وإدخال البيانات المطلوبة وإرفاق المستندات المؤيدة.
دور الجهات الأمنية في مكافحة الابتزاز في السعودية
تلعب الجهات الأمنية في السعودية دورًا مهمًا في مكافحة جريمة الابتزاز، من خلال:
- التحقيق في البلاغات:
التحقيق في البلاغات الواردة عن جرائم الابتزاز واتخاذ الإجراءات اللازمة.
- التعاون مع الجهات القضائية:
التعاون مع الجهات القضائية لتقديم الجناة إلى المحاكمة.
- التوعية والتثقيف:
تنظيم حملات توعية للمجتمع حول مخاطر الابتزاز وطرق الوقاية منه.
طرق الوقاية من الابتزاز الإلكتروني في النظام السعودي
تشتمل طرق الوقاية من الابتزاز الإلكتروني في النظام السعودي على:
- حماية البيانات الشخصية:
عدم مشاركة المعلومات الشخصية الحساسة عبر الإنترنت.
- استخدام كلمات مرور قوية:
استخدام كلمات مرور معقدة و تغييرها بانتظام.
- تحديث البرمجيات:
تحديث أنظمة التشغيل والبرامج بشكل دوري لسد الثغرات الأمنية.
- الوعي الأمني:
التوعية حول مخاطر الابتزاز الإلكتروني وطرق الوقاية منه.
تعرف أيضا بشكل موسع على تعرف على كيفية التخلص من الابتزاز الإلكتروني في السعودية – احمي نفسك
هناك آثار خطيرة ل جريمة الابتزاز في النظام السعودي على الأفراد والمجتمع، إذ تمس كرامة الإنسان، وتنتهك خصوصيته، وقد تؤدي إلى أضرار نفسية واجتماعية جسيمة. ومع تطور الوسائل التقنية، أصبح التصدي لهذا النوع من الجرائم ضرورة ملحة تتطلب وعيًا مجتمعيًا وأنظمة حازمة تواكب التحديات الرقمية، وقد تناول هذا المقال الجوانب المختلفة لجريمة الابتزاز ، بدءًا من تعريفها وأنواعها، مرورًا بأركانها، والعقوبات المقررة لها، وطرق إثباتها، و دور الجهات الأمنية في مواجهتها وانتهاءً بطرق الوقاية من الابتزاز الإلكتروني في النظام السعودي
لا توجد تعليقات