عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص في السعودية تُعد من الأدوات الاستراتيجية التي اعتمدتها المملكة لتحقيق أهداف التحول الوطني وتنمية البنية التحتية والخدمات العامة، دون تحميل الميزانية العامة أعباء مالية مباشرة ، وقد ساهم هذا النموذج في تمكين القطاع الخاص من أداء دور جوهري في تنفيذ المشاريع الكبرى وتقديم الخدمات بكفاءة عالية، ضمن إطار تنظيمي محكم يحفظ حقوق الأطراف كافة.
في هذا المقال، نستعرض ما هي عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص في السعودية، ونشرح الإطار النظامي الذي ينظّمها بموجب نظام التخصيص ، كما نتناول أنواع العقود المختلفة مثل BOT وBOOT وO&M ونوضح فوائد الشراكة لكلا القطاعين ،
وأبرز المخاطر وآليات إدارتها، والدور المحوري الذي يلعبه المحامون المتخصصون في صياغة وتشغيل عقود الشراكة ،كما نوضح كيف يمكن للقطاع الخاص الاستفادة من برامج مثل “مساهمة” وصندوق الاستثمارات العامة لاغتنام الفرص الاستثمارية في هذا المجال المتنامي.
ماهي عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص في السعودية؟
عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص في السعودية تُعد من أبرز الأدوات التي تبنتها المملكة ، حيث تهدف هذه العقود إلى تمكين القطاع الخاص من المشاركة في تنفيذ المشاريع والخدمات العامة التي كانت تقليدياً من اختصاص الجهات الحكومية فقط.
يقوم هذا النموذج التشاركي على تقاسم المخاطر والتكاليف والعوائد بين القطاعين، بهدف تحسين الكفاءة، وتعزيز الابتكار، وتخفيف الأعباء المالية على الميزانية العامة للمملكة.
نظام التخصيص السعودي: إطار تنظيم الشراكات PPP
في مارس 2021 صدر نظام مشاركة القطاع الخاص، المعروف أيضًا بنظام التخصيص، بمرسوم ملكي (م/63) بتاريخ 5/8/1442هـ.
ووفقًا للنظام يعرّف “التخصيص” بأنه شراكة أو نقل ملكية الأصول من الجهة الحكومية إلى الخاصة
ومن أبرز المعايير التي أقرها النظام مايلي:
- مدة العقد الأصلية والإجمالية لا تتجاوز 30 سنة، مع إمكانية تمديدها بموافقة مختصة .
- الجهات التنفيذية تملك صلاحية تعديل أو تعليق العقود بموافقة الجهات المختصة، ويتم تحديد آليات التعويض .
- يجب مساواة المستفيدين دون تمييز، وضوابط تحصيل الإيرادات وتحويلها للخزينة العامة .
- يمنع التنازل أو التعاقد من الباطن دون موافقة الجهات المختصة .
- تُلزم الأطراف بتوفير المعلومات للرقابة، وتطبيق شروط الجزاءات والتعويضات في حال الإخلال .
- إمكانية إنهاء العقد بالإرادة المنفردة للجهة التنفيذية، مثل في حال إخلال الطرف الخاص أو إفلاسه، بشرط تحديد التعويض .
أنواع العقود: BOT وBOOT وO&M وامتيازات وتقاسم الإيرادات
تتنوع عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص في السعودية بحسب طبيعة المشاريع كالآتي:
عقد (BOT)
يتولى الطرف الخاص البناء والتشغيل لفترة محددة، ثم تُنقل الملكية للمملكة.
عقد (BOOT)
يمتلك الطرف الخاص الأصول خلال فترة العقد.
عقود O&M (تشغيل وصيانة)
يُكلف فيها الطرف الخاص بصيانة وتشغيل المشروع.
عقود امتياز
تتيح للطرف الخاص حق تقديم خدمات واستثمار عائداتها (مثل مطارات ومحطات وقود).
تقاسم الإيرادات
يمكن الاتفاق على مشاركة الإيرادات بين الجهة الحكومية والطرف الخاص، وفق ما تحدده بنود العقد
مقال مقترح : عقود الشراكة التجارية
فوائد الشراكة بين القطاعين العام والخاص في رؤية 2030

فوائد عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص في السعودية تتجلى في دعم التحول الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة، حيث تُعد هذه الشراكة إحدى الركائز الأساسية لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 وإليك أبرز الفوائد:
تحفيز الاستثمار الخاص
تمكين القطاع الخاص من تنفيذ مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة، مما يزيد من مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.
رفع كفاءة الإنفاق الحكومي
تقليل الأعباء المالية على ميزانية المملكة من خلال إشراك القطاع الخاص في التمويل والإدارة.
تحسين جودة الخدمات
الاستفادة من الخبرات الفنية والإدارية للقطاع الخاص لتقديم خدمات عامة بجودة أعلى وكفاءة أفضل.
نقل المعرفة والتقنية
دعم تطوير الكفاءات الوطنية عبر الشراكة مع جهات خاصة ذات خبرات دولية ومحلية متقدمة.
توفير فرص عمل جديدة
تساهم المشاريع المشتركة في خلق وظائف متنوعة للمواطنين، بما يتماشى مع مستهدفات التوطين.
دعم التنمية الإقليمية
تنفيذ مشاريع تنموية في مختلف مناطق المملكة من خلال جذب استثمارات متنوعة.
تحقيق الاستدامة
تبني نماذج تشغيلية وتمويلية تضمن استدامة المشاريع والخدمات على المدى الطويل.
قد تحتاج أيضا إلى معرفة طريقة إخراج شريك من الشركة دون نزاعات: دليلك للتصرف الصحيح
المخاطر وإدارة المخاطر في نظام PPP
أحد أهم المبادئ التي يقوم عليها نظام الشراكة بين القطاع العام والخاص في السعودية هو توزيع المخاطر بشكل عادل بين الجهة الحكومية والقطاع الخاص، بما يتناسب مع قدرة كل طرف على تحملها والتحكم فيها.
وتشمل المخاطر المحتملة في عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص في السعودية عدة أنواع، مثل:
المخاطر المالية
مثل تقلب أسعار الفائدة أو تغير التكاليف التمويلية.
المخاطر التشغيلية
مثل قصور في التشغيل أو ضعف الأداء الفني للخدمة.
المخاطر النظامية
مثل التغيرات في الأنظمة أو تأخر إصدار التراخيص.
مخاطر الطلب
كضعف الإقبال على الخدمة أو تغير حجم الاستخدام المتوقع.
وتقوم لجنة مشروعات التخصيص بوزارة المالية، والجهات المختصة الأخرى، بمراجعة العقود للتأكد من وجود إطار فعال لإدارة المخاطر، حمايةً للمصلحة العامة، وضمانًا لجذب المستثمرين وتحقيق الثقة في بيئة الأعمال بالمملكة.
دور المحامين المتخصصين في صياغة وتشغيل عقود PPP:
في عقد PPP، يلعب المحامون المتخصصون أدوارًا عديدة ومهمة مثل:
- التفاوض على بنود العقود بما يحقق توزيعًا متوازنًا للمخاطر، وتحقق الأهداف المحددة
- الحرص على الامتثال النظامي ووفق النظام واللوائح التنفيذية، بما في ذلك القيود على التنازل، أو الإنهاء، أو التحكيم .
- إعداد اتفاقيات التحكيم الدولية، وتضمين شروط تحكيم موثوقة ومستقلة .
- التأكد من شروط رفع التعويضات والغرامات، وضمان وجود آلية شفافة، مع مراجعة سنوية حسب التعديلات الحديثة .
- دعم الأطراف في إجراءات الطرح والترسية، والتعامل مع تظلمات المناقصين، وتنفيذ متطلبات المقايسات .
ولذلك فمن الضروري الاستعانة بمحامي متخصص عند إبرام عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص في السعودية
يمكنك أيضا التعرف على طريقة كتابة عقد شراكة تجارية في السعودية
كيف يمكن للقطاع الخاص الاستفادة من برنامج “مساهمة” وصندوق الاستثمارات العامة

يمكن للقطاع الخاص الاستفادة بشكل مباشر من مبادرات صندوق الاستثمارات العامة عبر البرامج الآتية:
برنامج “مساهمة”
يهدف إلى تعزيز المحتوى المحلي في مشاريع الصندوق، ويتيح للموردين المحليين فرصة للآتي:
- التسجيل في منصة “مساهمة” لتقديم منتجات وخدماتهم.
- الحصول على تدريب وتأهيل عبر برنامج تطوير الموردين.
- المنافسة على جوائز تشجيعية تعزز من مكانتهم في السوق.
- الوصول إلى فرص تعاقدية مع شركات الصندوق
ويمكنك الدخول لبرنامج مساهمة من خلال هذا الرابط المباشر
برنامج “شريك”
مخصص للشركات الكبرى التي تستوفي شروطًا معينة (مثل استثمارات لا تقل عن 20 مليار ريال خلال 10 سنوات)، ويوفر:
- دعمًا حكوميًا مخصصًا لتسريع مشاريعها.
- تسهيلات تمويلية وتشغيلية وتنظيمية.
- شراكات استراتيجية مع جهات حكومية وخاصة
وإليك الرابط المباشر لبرنامج شريك
هذه المبادرات تفتح المجال أمام عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص في السعودية للمساهمة بفعالية في المشاريع الوطنية الكبرى، وتحقيق نمو تجاري مستدام تحت مظلة رؤية السعودية 2030.
عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص في السعودية تمثل تحولًا استراتيجيًا في إدارة المشاريع والخدمات العامة، حيث تجمع بين كفاءة القطاع الخاص وإشراف القطاع العام وقد رأينا من خلال هذا المقال كيف أن نظام التخصيص السعودي يشكل الأساس التنظيمي لهذه العقود، كما استعرضنا أهم أنواع الشراكات الممكنة مثل BOT وBOOT وO&M وغيرها، كما تبيّن لنا أن هذه العقود تُسهم بفاعلية في تحقيق مستهدفات رؤية 2030، من خلال تعزيز الاستدامة المالية، وتحسين جودة الخدمات، وجذب الاستثمارات، وتوفير فرص عمل جديدة. وقد تطرّقنا كذلك إلى التحديات والمخاطر التي قد تواجه الشراكات، وسبل إدارتها، وأهمية وجود محامين متخصصين لضمان سلامة الصياغة والتشغيل. وأخيرًا، أوضحنا كيف يمكن للقطاع الخاص الاستفادة من برامج مثل “مساهمة” وصندوق الاستثمارات العامة للدخول بفعالية في مشاريع الشراكة.
الأسئلة الشائعة
ما الفرق بين BOT وBOOT في عقود الشراكة؟
في BOT يبني ويشغل الطرف الخاص ثم ينقل الملكية، أما في BOOT فيمتلك الأصول ويشغلها قبل نقلها.
هل يمكن تمديد عقد PPP بعد 30 سنة؟
نعم، يمكن تجاوز 30 سنة أو تمديدها بموافقة الجهة المختصة وفق النظام واللائحة التنفيذية.

لا توجد تعليقات