شرع الله سبحانه وتعالى العقاب لكثير من الجرائم بين الناس، فنجد أن الشريعة الإسلامية وضعت لكل جرم ما يناسبه من العقاب والحدود المفروضة، وقد كان ذلك من حكمة الله لردع الظالمين وترهيب المفسدين وإحكام نظام الكون وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم “تلك حدود الله فلا تعتدوها”.
ولما كانت الحياة البشرية في تطور وتجدد مستمر تجددت معها الجرائم والأفعال المستوجبة للعقوبات وتعددت أشكالها ووسائلها وطرق ارتكابها،
وقد أدى ذلك لظهور مجال التعزير والذي تناول جميع الجرائم التي لم يضع لها الشرع حدودًا واضحة فأصبح الأمر متروكًا لولي الأمر بما يراه مناسبًا لإرساء قواعد العدل بين الناس وإصلاح المجتمع.
والجريمة هي كل الأمور المحظورة بموجب الشرع والتي حرمها الله تعالى وهي أيضًا ذلك الفعل الذي يسبب تلفًا أو ضررًا بالأموال أو الممتلكات أو تشكل خطرًا على الأرواح
وقد وُضعت لها حدود وعقوبات معينة تبعا لعدة معايير. ومن المعروف أن قواعد ومعايير عقوبات التعزير تتميز بالمرونة حيث يمكن أن تختلف باختلاف الحالة وهي تعتمد بقدر كبير على حجم الذنب المقترف وحالة المذنب والأضرار الناتجة عن الجريمة.
أنواع الجرائم التعزيرية
تنقسم الجرائم التي تستوجب توقيع عقوبات تعزيرية إلى ثلاثة أنواع كما يلي:
الجرائم التعزيرية المتسببة في إزهاق الأرواح أو الإضرار بالأنفس أو ما دون ذلك
ويندرج ضمن تلك الجرائم جريمة القتل عمدًا، ففي حالة عفا ولي الدم عن الجاني يجوز للقاضي فرض عقوبة تعزيرية عليه وذلك حفاظًا على حقوق المجتمع
وتبلغ العقوبة هنا الحبس لمدة سنة مع الجلد 100 جلدة. أما القتل شبه العمد والذي يتعمد فيه الجاني ارتكاب فعل ويتسبب هذا الفعل في وقوع جريمة القتل فإن التعزير هنا يستوجب دفع الدية عن النفس الفائتة. وبالنسبة للقتل الخطأ والذي يصدر فيه فعل القتل بدون قصد أو شبهة تعمد من الجاني فيعزر مرتكبها بالدية والكفارة.
الجرائم التعزيرية المتعلقة بالعرض والشرف والأخلاق
تندرج جريمة الزنا ضمن الجرائم التي تستوجب عقوبة تعزيرية وذلك في حالة افتقادها لركن من أركانها أو شرط تطبيق الحد عليها كما جاء في الشريعة الإسلامية،
ومما يستوجب التعزير أيضًا معانقة المرأة الأجنبية أو الاختلاء بها أو تقبيلها أو كشف العورة وما شابه ذلك. وتندرج أيضًا جرائم السب والقذف في حالة مخالفة شروط تطبيق الحد عليها كأن يكون الشخص الذي وقعت في حقه جريمة القذف محصنًا
فإن لم يكن كذلك فلا يوقع الحد عليه وإنما وجب تعزيره على ذلك. هذا بالإضافة إلى جرائم التجسس، ودخول البيوت بدون استئذان صاحبها والتي تعد انتهاك لحقوق الغير، إلى جانب جرائم غش الميزان والمكاييل وشهادة الزور وشرب الخمر والشهادة على النكاح السري.
الجرائم التعزيرية التي تصيب الأموال
وتشمل جرائم التعزير على إصابة الأموال جرائم السرقة التي لا حد فيها بسبب عدم اكتمال الأركان الشرعية لإقامة الحد، وإنما يتم تعزير مرتكبها بالعقوبة المناسبة،
كما تستوجب جرائم الحرابة أو قطع الطريق توقيع عقوبة التعزير على مرتكبيها، هذا بالإضافة إلى جرائم الرشوة ومنع الزكاة والامتناع عن سداد الديون والاستيلاء على أموال اليتامى والعمل بالربا.
أنواع العقوبات التعزيرية
تعتبر العقوبات التعزيرية عقوبة تقديرية متروكة لولي الأمر أو القاضي المسئول عن الفصل فيها وذلك وفقًا لنوع الجريمة وحجمها ومجموعة أخرى من المعايير وتنقسم تلك العقوبات إلى عقوبات فعلية وأخرى قولية كما يلي:
العقوبات الفعلية: وتشمل الجلد والحبس والعقوبات المالية كالغرامة أو الدية أو مصادرة المال أو إتلافه إلى جانب التعزير بالقتل أو النفي خارج البلاد أو الضرب أو هدم البيوت وإغلاقها أو التشهير أو العزل من المنصب أو سحب لرخصة أو فرض الإقامة الجبرية.
العقوبات القولية: والتعزير بالقول ممكن أن يكون بالوعظ أو الإعلام أو العتاب أو التوبيخ بالإضافة إلى التهديد أيضًا.