كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي تُعد من المسائل الحيوية التي تمس حياة الأفراد والأسر في المملكة فبعد وفاة الشخص، تنشأ الحاجة إلى توزيع ممتلكاته وأمواله بين الورثة بطريقة شرعية ومنظمة، تضمن تحقيق العدالة وتفادي النزاعات و يُعتبر فهم الإجراءات والأنظمة المتعلقة بتقسيم التركة أمرًا ضروريًا لكل من الورثة والمستشارين الشرعيين، لضمان سير العملية بسلاسة ووفقًا للأنظمة المعمول بها.
في هذا المقال، سنستعرض كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي بشكل مفصل، مستندين إلى أحدث الأنظمة واللوائح ذات الصلة كما سنتناول الخطوات الإجرائية، أنواع القسمة، دور المحكمة، والحقوق المتعلقة بالورثة.
تعريف التركة وشروط استحقاقها
عرفت المادة (197) من نظام الأحوال الشخصية التركة بأنها:
“ما يتركه الإنسان بعد موته من الأموال والحقوق المالية” وتشمل الأموال والحقوق العينية والدين.”
ولاستحقاق التركة، حددت المادة (199) الشروط التالية:
- تحقق وفاة المورث حقيقة أو حكمًا.
- وجود وارث حي عند وفاة المورث.
- وجود سبب صحيح للإرث.
- انتفاء موانع الإرث.
كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي
تبدأ كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي بإجراءات محددة تهدف إلى ضمان توزيع التركة بشكل عادل ومنظم ، وقد نظمت ترتيب الحقوق المتعلقة بالتركة المادة رقم (١٩٨) من نظام الأحوال الشخصية وتشمل هذه الإجراءات:
- استخراج شهادة الوفاة:
يتم الحصول عليها من الجهات المختصة لتوثيق وفاة المورث.
- الحصول على صك حصر الورثة:
يُعد هذا الصك وثيقة رسمية تُحدد الورثة الشرعيين ونسبهم في التركة.
- حصر أصول التركة:
يشمل ذلك العقارات، الأموال، الأسهم، وغيرها من الممتلكات.
- سداد الديون:
يتم تسديد الديون المستحقة على المورث من أصول التركة قبل توزيعها.
- تنفيذ الوصايا:
إذا كان هناك وصايا موثقة، يتم تنفيذها وفقًا للأنظمة المعمول بها.
- توزيع التركة:
بعد استكمال الخطوات السابقة، يتم توزيع التركة بين الورثة حسب الأنصبة الشرعية.
قد تحتاج أيضا إلى معرفة طريقة رفع دعوى محاسبة في تركة عند تصرف أحد الورثة بها
الفرق بين القسمة الرضائية والقسمة الإجبارية في النظام السعودي
في سياق كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي، هناك نوعان رئيسيان من القسمة:
- القسمة الرضائية:
تتم باتفاق جميع الورثة على توزيع التركة دون اللجوء إلى المحكمة. يُفضل توثيق هذا الاتفاق رسميًا لضمان الحقوق.
- القسمة الإجبارية:
تحدث عندما لا يتفق الورثة على كيفية تقسيم التركة، مما يستدعي تدخل المحكمة لإصدار حكم ملزم يحدد نصيب كل وارث.
الجدير بالذكر أن اختيار نوع القسمة يعتمد على مدى التوافق بين الورثة ورغبتهم في تسوية الأمور وديًا أو الحاجة إلى تدخل قضائي.
كيفية رفع دعوى قسمة تركة في السعودية: الإجراءات والمستندات المطلوبة
عندما يتعذر على الورثة التوصل إلى اتفاق بشأن كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي، يمكن رفع دعوى قسمة تركة أمام المحكمة المختصة. تشمل الإجراءات:
تقديم طلب الدعوى
يُقدم أحد الورثة أو ممثلهم الشرعي طلبًا إلى المحكمة ويمكن رفع الدعوى إلكترونئًا عن طريق الخطوات التالية:
- التسجيل في بوابة ناجز: https://najiz.sa
- الدخول إلى “صحيفة الدعوى”.
- اختيار نوع الدعوى: “قسمة تركة”.
- تعبئة البيانات المطلوبة (بيانات المورث، الورثة، صكوك الملكية، إلخ).
- إرفاق المستندات المطلوبة مثل شهادة الوفاة، صك حصر الورثة، وأي وثائق تثبت ملكية التركة.
- إرسال الطلب إلكترونيًا.
- تحديد موعد الجلسة: تقوم المحكمة بتحديد موعد للنظر في الدعوى.
إصدار الحكم
بعد دراسة القضية، تُصدر المحكمة حكمًا بتقسيم التركة وفقًا للأنصبة الشرعية.
هذا الإجراء يضمن توزيع التركة بشكل عادل وفقًا للأنظمة المعمول بها.
إطلع أيضا على دعوى قسمة تركة إجبار عقارية في السعودية
تقسيم العقارات بين الورثة: القسمة بالتراضي أم البيع في المزاد العلني؟
عند وجود عقارات ضمن التركة، يتعين تحديد كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي فيما يتعلق بهذه الممتلكات. هناك خياران رئيسيان:
- القسمة بالتراضي:
يتفق الورثة على تقسيم العقارات فيما بينهم، مع توثيق الاتفاق رسميًا.
- البيع في المزاد العلني:
إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، يمكن بيع العقارات في مزاد علني وتوزيع العائد بين الورثة حسب الأنصبة الشرعية.
يُفضل اللجوء إلى القسمة بالتراضي لتجنب الإجراءات القضائية المطولة.
الوصايا في التركة: الشروط النظامية لتنفيذ وصية المتوفى
تُعد الوصية من التصرفات المالية التي يُقرها الشخص لتُنفذ بعد وفاته، وتُعتبر من صور التبرع الموقوف على تحقق الوفاة، وذلك وفقًا لما نصت عليه المادة (169) من نظام الأحوال الشخصية. ولضمان تنفيذ وصية المتوفى بالشكل النظامي، لا بد من توافر شروط معينة تحدد صحتها وقانونية تطبيقها.
- توثيق الوصية:
يجب أن تكون الوصية موثقة رسميًا.
- عدم تجاوز ثلث التركة:
لا يجوز أن تتجاوز الوصية ثلث التركة إلا بموافقة الورثة وفقًا للمادة رقم (١٩٠) من نظام الأحوال الشخصية
- أن تكون الوصية صادرة عن شخص كامل الأهلية وقت الإيصاء:
أي غير فاقد للتمييز أو الأهلية الشرعية وفقًا للمادة رقم ( ١٧٦) من نظام الأحوال الشخصية
- أن تكون الوصية محددة وواضحة:
من حيث الموصى به والموصى له وصيغة الوصية وحددت ذالك المادة رقم (١٧٣) من نظام الأحوال الشخصية
- ألا تشمل الوصية محرمًا شرعًا:
كالإيصاء بأمر غير مشروع أو مناقض للأنظمة العامة
الجدير بالذكر أن الالتزام بهذه الشروط يضمن تنفيذ الوصايا بما يتوافق مع الأنظمة الشرعية.
الورثة المستحقون للتركة: تحديد الأنصبة الشرعية وفقًا للقرابة
في سياق كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي، يُحدد النظام الشرعي الورثة المستحقين للتركة بناءً على درجة قرابتهم من المتوفى كالتالي:
أولًا الورثة بالفرض:
وهم الذين وردت أنصبتهم محددة في النصوص الشرعية، ويشملون:
الزوج أو الزوجة:
- الزوج:
يرث النصف إذا لم يكن للزوجة فرع وارث، والربع إن وُجد.
- الزوجة:
يكون نصيب الزوجة في التركة ربع المال في حال عدم وجود فرع وارث للزوج، وينخفض نصيبها إلى الثمن إذا وُجد له فرع وارث وفقًا لأحكام المواريث في الشريعة الإسلامية.
- الأم:
ترث الثلث إن لم يكن للمتوفى فرع وارث أو عدد من الإخوة، والسدس إن وُجد فرع وارث أو أكثر من أخ.
- الأب:
يرث السدس مع وجود الفرع الوارث، ويرث بالتعصيب إن لم يوجد فرع وارث.
- البنات:
الواحدة ترث النصف، والاثنتان فأكثر الثلثين، ويُشتركن في التركة بالتعصيب إذا وُجد معهن ذكر (ابن).
- الإخوة لأم:
واحد يرث السدس، والاثنان فأكثر الثلث يُقسم بينهم.
ثانيًا: الورثة بالتعصيب:
وهم من يرثون الباقي بعد أصحاب الفروض، أو إذا لم يوجد أصحاب فروض، ويشملون:
- الابن:
يرث جميع التركة بالتعصيب إذا لم يوجد معه أصحاب فروض.
- الأخ الشقيق :
يرث إذا لم يوجد فرع وارث أو أب.
- العم:
يُرث عند عدم وجود أقرب منه.
ثالثًا: الحجب:
الحجب نوعان:
- حجب نقصان:
يقلل نصيب الوارث دون منعه، مثل أن ترث الأم السدس بدلًا من الثلث إذا وُجد فرع وارث.
- حجب حرمان:
يمنع الوريث من الإرث بسبب وجود وارث أقرب منه، مثل حجب الإخوة من الميراث بوجود الأب.
الجدير بالذكر أن تحديد هذه الأنصبة يتم بناءً على صك حصر الورثة، ويُعتمد على المحكمة لتقدير الأنصبة بدقة في حال القسمة القضائية، مع الالتزام بمواد نظام الأحوال الشخصية خاصة في الباب الثامن المتعلق بالميراث (المواد من ١٩٧ حتى ٢٤٩)
يمكنك أيضا معرفة أهم ٤ أسباب امتناع بعض الورثة عن تقسيم التركة
حالات استبعاد من الإرث: القتل والاختلاف في الدين
من المبادئ المهمة في كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي أن بعض الحالات تستوجب استبعاد بعض الورثة من الميراث، وذلك وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية التي يستند إليها النظام.
ومن أبرز هذه الحالات:
- القتل:
يُحرم القاتل من الميراث واستندت الهيئة العامة للمحكمة العليا في السعودية إلى قاعدة “القاتل لا يرث”، ما لم يكن القتل بحق (مثل القصاص).
- الاختلاف في الدين:
إذا كان أحد الورثة غير مسلم، فلا يرث المسلم، والعكس كذلك، استنادًا إلى الحديث النبوي: “لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.”
هذا النوع من الاستبعاد يأتي لضمان التزام التوزيع بأحكام الشريعة الإسلامية المعتمدة في النظام السعودي.
صك حصر الورثة: أهميته في بدء إجراءات تقسيم التركة
يُعتبر صك حصر الورثة من أهم الوثائق في كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي، إذ لا يمكن البدء بأي إجراءات نظامية دون هذا الصك ، وإليك تفاصيل صك الوراثة في نقاط:
- ما هو صك حصر الورثة؟
وثيقة تصدر من المحكمة تثبت أسماء الورثة الشرعيين ونسب قرابتهم من المتوفى.
- طريقة الحصول عليه:
يتم التقديم عليه إلكترونيًا من خلال بوابة “ناجز” التابعة لوزارة العدل، ويتطلب إرفاق:
- شهادة الوفاة
- الهوية الوطنية للمتوفى والورثة
- بيانات الشهود والمعرفين
- أهمية الصك:
يُعد الأساس الذي يُبنى عليه توزيع التركة سواء كانت أموالًا أو عقارات أو ممتلكات أخرى، ويُطلب في كافة الجهات الحكومية والخاصة لاستكمال إجراءات نقل الملكية أو صرف المستحقات.
دور المحكمة في قضايا الميراث: من تعيين المصفّي إلى إصدار حكم القسمة
تلعب المحكمة دورًا محوريًا في كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي خاصة في الحالات التي تستوجب التدخل النظامي، مثل النزاعات أو عدم اتفاق الورثة. وإليك أبرز أدوار المحكمة:
- تعيين المصفّي:
في حال تعقيد التركة أو وجود نزاعات، تُعين المحكمة مصفّيًا لإدارة أصول التركة وسداد الديون وتوزيعها لاحقًا والمصفّي قد يكون أحد الورثة أو شخصًا مستقلًا.
- فصل النزاعات بين الورثة:
تتولى المحكمة البت في الخلافات حول الملكيات أو الأنصبة أو صلاحية الوصايا.
- إصدار حكم القسمة:
تصدر المحكمة حكمًا نهائيًا يقضي بتقسيم التركة رسميًا، ويتم بعده توثيق الأنصبة ونقل الملكيات في الجهات الرسمية.
- الرقابة على التنفيذ:
تتأكد المحكمة من تنفيذ الحكم، بما يشمل البيع في المزاد أو توثيق العقارات أو صرف الأموال.
ختامًا، يتضح أن كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي ليست مجرد إجراء روتيني بل عملية شاملة ودقيقة تهدف إلى تحقيق العدالة بين الورثة وفق الشريعة الإسلامية.
من خلال هذا المقال، تناولنا أبرز الجوانب المرتبطة بتقسيم التركة، بداية من إصدار شهادة الوفاة وصك حصر الورثة، مرورًا بإجراءات القسمة الرضائية أو الإجبارية، وانتهاءً بدور المحكمة والوصايا وشروطها.
وتبرز أهمية معرفة كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي لكل فرد في المجتمع لتجنب النزاعات وتحقيق التوافق الأسري بعد وفاة المورث ،كما أن الالتزام بالأنظمة واللجوء إلى الجهات المختصة يضمن احترام الحقوق وتوثيقها رسميًا.
لا توجد تعليقات