نظام حماية البيانات الشخصية

نظام حماية البيانات الشخصية


نظام حماية البيانات الشخصية في السعودية يمثل خطوة تاريخية في مسيرة المملكة نحو بناء بيئة رقمية موثوقة وآمنة تحمي خصوصية الأفراد وتدعم الاقتصاد الرقمي في عصر أصبحت فيه البيانات تُعد الوقود الجديد للاقتصاد  

في هذا المقال سنستعرض بالتفصيل “نظام حماية البيانات الشخصية في السعودية”، أهدافه، آليات تطبيقه، الحقوق التي يمنحها للأفراد، الالتزامات التي يفرضها على المؤسسات، والجزاءات المترتبة على مخالفته، كما سنتناول أبرز التحديات في تطبيقه ونقدّم نصائح قانونية للامتثال به.

 ما هو نظام حماية البيانات الشخصية؟ شرح مبسط وفق النظام السعودي

نظام حماية البيانات الشخصية في السعودية” هو إطار نظامي حديث أُقر بموجب المرسوم الملكي رقم (م/19) بتاريخ 9/2/1443هـ،  الموافق 16/09/2021 م. ويهدف إلى تنظيم عمليات معالجة البيانات الشخصية للأفراد الطبيعيين داخل المملكة ويشمل ذلك عمليات الجمع، التخزين، الاستخدام، الإفصاح، والمحو.

يشرف على تطبيق النظام الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA)، وقد تم تطوير اللائحة التنفيذية للنظام لتوفير التفاصيل الدقيقة للتطبيق.

يسري نظام حماية البيانات الشخصية في السعودية على كافة الجهات التي تقوم بمعالجة البيانات داخل المملكة، بما في ذلك الجهات العامة والخاصة، وكذلك الجهات الأجنبية التي تقدم خدمات داخل السعودية وهو ما يجعل المملكة واحدة من الدول الرائدة في العالم العربي في مجال حماية الخصوصية الرقمية.

أهداف نظام حماية البيانات الشخصية ومجالات تطبيقه

أهداف نظام حماية البيانات الشخصية ومجالات تطبيقه
أهداف نظام حماية البيانات الشخصية ومجالات تطبيقه

يرمي نظام حماية البيانات الشخصية في السعودية إلى تحقيق جملة من الأهداف الجوهرية، أبرزها:

  • صون خصوصية الأفراد ومنع استغلال بياناتهم الشخصية.
  • تعزيز الشفافية والموثوقية في التعاملات الرقمية.
  • تنظيم العلاقة بين الجهات المتحكمة في البيانات والأفراد المعنيين بها.
  • تمكين الأفراد من التحكم في بياناتهم.
  • دعم الاقتصاد الرقمي وتوفير بيئة نظامية مشجعة للاستثمار.

ويشمل النظام كل عملية إلكترونية أو يدوية تهدف إلى معالجة البيانات الشخصية، ويطبق على:

  • الجهات العامة مثل الوزارات والهيئات الحكومية.
  • الجهات الخاصة مثل الشركات والمؤسسات التجارية.
  • الجهات الأجنبية التي تقدم خدمات للأفراد داخل السعودية.

ويشمل البيانات الشخصية بكافة أنواعها، سواء البيومترية، الصحية، المالية، أو غيرها، ما لم تكن مخصصة للاستخدام الشخصي الخاص.

قد تحتاج أيضا إلى اللجوء إلى محامي جرائم الكترونية في السعودية: حماية بياناتك وأمانك الرقمي – ٠٥٧٥٦٣٩٨٦٩

 حقوق الأفراد بموجب النظام

يمنح نظام حماية البيانات الشخصية في السعودية الأفراد مجموعة من الحقوق الجوهرية التي تضمن لهم السيطرة على بياناتهم، وهي كالتالي:

  •  الحق في العلم:

 من حق الفرد أن يعلم أن بياناته تُجمع أو تُستخدم، ومعرفة الغرض من ذلك.

  •  الحق في الوصول:

 يستطيع الفرد طلب نسخة من بياناته أو معرفة الجهات التي تم نقل البيانات إليها.

  •  الحق في التصحيح: 

يمكن لصاحب البيانات تصحيح أي معلومات غير دقيقة أو ناقصة.

  • الحق في الحذف

يحق للفرد طلب حذف بياناته عندما تنتفي الحاجة للاحتفاظ بها.

  •  الحق في الاعتراض:

 يتيح النظام للفرد الاعتراض على معالجة بياناته لأغراض تسويقية أو بحثية.

  • الحق في الشكوى:

 يمكن لأي فرد تقديم شكوى إلى الهيئة المختصة عند حدوث أي انتهاك.

هذه الحقوق تمثل جوهر نظام حماية البيانات الشخصية في السعودية، وتدعم مبدأ الشفافية والثقة في التعاملات الرقمية.

 التزامات الجهات المتحكمة في البيانات

يفرض نظام حماية البيانات الشخصية في السعودية التزامات صارمة على الجهات التي تعالج أو تتحكم في البيانات، ومنها:

  • الحصول على الموافقة

لا يجوز جمع البيانات أو استخدامها دون موافقة صريحة من صاحبها.

  • تحديد الأغراض

يجب الإفصاح عن الغرض من جمع البيانات وعدم استخدامها في غيره.

  • تطبيق تدابير الحماية: 

على الجهات استخدام وسائل أمنية وتقنية تحمي البيانات من التلاعب أو التسريب.

  • تعيين مسؤول حماية بيانات:

 خصوصًا في المؤسسات الكبيرة أو التي تعالج بيانات حساسة.

  • توثيق العمليات

يجب على كل جهة توثيق دورة حياة البيانات لديها.

  • الإبلاغ عن الانتهاكات: 

عند حدوث اختراق أو تسريب، يجب إبلاغ الهيئة خلال 72 ساعة.

تعرف أيضا على كيفية حماية الأسرار التجارية

 نقل البيانات خارج السعودية: الضوابط والاستثناءات

 نقل البيانات خارج السعودية الضوابط والاستثناءات
 نقل البيانات خارج السعودية الضوابط والاستثناءات

وفقًا لنظام حماية البيانات الشخصية في السعودية  لا يُسمح بنقل البيانات الشخصية خارج المملكة إلا وفق ضوابط وشروط محددة، وهي:

  •  الحصول على موافقة مسبقة من الجهة المختصة (سدايا):

يجب على الجهة التي ترغب في نقل البيانات الحصول على إذن رسمي من هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي 

  • وجود مبرر مشروع لنقل البيانات:

يجب أن يكون هناك غرض محدد ومشروع يتطلب نقل البيانات، مثل تنفيذ عقد أو خدمة لصالح صاحب البيانات.

  • ضمان مستوى حماية مكافئ:

يُشترط أن توفر الدولة أو الجهة المستقبِلة مستوى حماية للبيانات لا يقل عن ما هو منصوص عليه في النظام السعودي.

  •  توفير ضمانات تعاقدية أو تنظيمية:

مثل توقيع اتفاقيات حماية بيانات (DPA) أو تضمين بنود حماية البيانات في العقود.

  •  إبلاغ صاحب البيانات:

يجب إخطار صاحب البيانات بأن بياناته سيتم نقلها إلى خارج المملكة، مع توضيح الأغراض والجهات المستلمة.

 الجدير بالذكر أنه في بعض الحالات، يسمح النظام بنقل البيانات دون الحصول على موافقة سابقة، وتشمل هذه الحالات:

  •  إذا كان النقل ضروريًا لحماية حياة صاحب البيانات أو سلامته الصحية ،خصوصًا في الحالات الطبية الطارئة أو الكوارث.
  •  إذا كان النقل تنفيذًا لاتفاق دولي تكون المملكة طرفًا فيه مثل اتفاقيات التبادل الأمني أو الاقتصادي.
  •  إذا كان النقل جزءًا من تنفيذ التزامات تعاقدية مع صاحب البيانات ،كأن يتم التعاقد مع جهة خارجية لتقديم خدمة سحابية أو دعم تقني.
  • إذا كانت البيانات عامة أو تم تحييد هويتها (Anonymization) بحيث لا يمكن ربطها مباشرة بصاحبها.
  • عند نقل البيانات إلى جهة علمية أو بحثية مرخصة لغرض إجراء بحوث علمية أو دراسات، بشرط اتخاذ التدابير الكافية لحماية الخصوصية.

يمكنك الإطلاع أيضا على كيفية حماية حقوق الطبع والنشر بالسعودية

 عقوبة مخالفة نظام حماية البيانات في السعودية

تختلف عقوبات مخالفة نظام حماية البيانات في السعودية ، على حسب المخالفة المرتكبة كالآتي :

  • عقوبة السجن مدة لاتزيد على سنتين وغرامة لا تزيد عن ثلاثة ملايين ريال:

وتطبق هذه العقوبة وفقًا لتعديلات المادة رقم (٣٥) من النظام على كل من أفصح عن بيانات حساسة أو نشرها   إذا كان ذلك بقصد الإضرار بصاحب البيانات أو بقصد تحقيق منفعة شخصية

ويجوز الجمع بين عقوبتي السجن والغرامة حسب تقدير القاضي

  • عقوبة السجن مدة لا تزيد عن سنة وغرامة لا تزيد عن مليون ريال :

وتطبق هذه العقوبة وفقًا للمادة رقم (٣٥) على كل من قام بارتكاب المخالفات المنصوص عليها في المادة رقم (٢٩) من نفس النظام وهي نقل البيانات الشخصية إلى خارج المملكة أو الإفصاح عنها لجهة خارج المملكة

ويجوز الجمع بين عقوبتي السجن والغرامة 

حسب تقدير القاضي 

أبرز التحديات في تطبيق نظام حماية البيانات

رغم أهمية نظام حماية البيانات الشخصية في السعودية، إلا أن هناك تحديات تعوق التطبيق الكامل له، منها:

  • نقص الوعي القانوني لدى بعض المنشآت الصغيرة.
  • قلة المتخصصين في أمن البيانات.
  • التحول المفاجئ من بيئات تقليدية إلى رقمية.
  • التحديات التقنية المتعلقة بتشفير البيانات وتخزينها.

هذه التحديات تُعد فرصًا لتطوير القطاع النظامي والتقني، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

نصائح نظامية للامتثال للنظام

للجهات التي ترغب في الامتثال الكامل لـ نظام حماية البيانات الشخصية في السعودية، إليك أهم النصائح:

  • صياغة سياسة خصوصية واضحة ومحدثة.
  • تدريب العاملين على مبادئ الحماية والامتثال.
  • توثيق جميع الأنشطة المتعلقة بجمع البيانات.
  •  التعاقد مع مستشار نظامي مختص بحماية البيانات.
  • تقييم المخاطر الأمنية بشكل دوري.
  • استخدام أدوات التشفير والتخزين الآمن.

الختام

يُشكّل نظام حماية البيانات الشخصية في السعودية ركيزة أساسية في حماية الخصوصية وتعزيز بيئة رقمية آمنة ومتوافقة مع المعايير الدولية من خلال تحديد أهداف واضحة، وضمان حقوق الأفراد، وفرض التزامات دقيقة على الجهات المتحكمة في البيانات ،كما يسعى النظام إلى تنظيم التعامل مع البيانات الشخصية بشكل يوازن بين حماية الخصوصية ومتطلبات التطور التقني.

ورغم التحديات العملية، فإن الالتزام بالضوابط، خصوصًا عند نقل البيانات خارج المملكة، والتقيد بالعقوبات النظامية عند المخالفة، يُعزّز من فعالية التطبيق. ويظل الامتثال للنظام مسؤولية مشتركة تتطلب وعيًا قانونيًا مستمرًا، واعتماد ممارسات داخلية صارمة تضمن حماية البيانات وتفادي المخاطر النظامية.

قم بتقييم المقالة

لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *