تُعد المادة ٧٧ من نظام العمل السعودي من أكثر المواد التي أثارت اهتمام العاملين وأصحاب العمل على حد سواء، نظرًا لما تحمله من آثار مباشرة على التعويضات الناتجة عن إنهاء عقود العمل. وتُجسّد هذه المادة جوهر التوازن الذي يسعى إليه النظام السعودي بين حماية حقوق العامل وضمان مرونة سوق العمل لصالح صاحب العمل، خصوصًا في حالات الفصل أو إنهاء التعاقد لأسباب غير تأديبية.
في هذا المقال، سنستعرض نص المادة ٧٧ من نظام العمل السعودي ونحلل أثر نوع العقد (محدد أو غير محدد المدة) على قيمة التعويض المستحق ،كما نناقش مدى إمكانية التعديل على مقدار التعويض في العقد المبرم بين الطرفين، والفرق الجوهري بين المادة ٧٧ والمادة ٨٠ من النظام. وختامًا، نسلط الضوء على خدمات نظام “ساند” كأداة رسمية لتعويض الموظف السعودي في حالات التعطل عن العمل، وكيفية الاستفادة من هذا الدعم بطريقة نظامية وفعالة.
ما نص المادة ٧٧ في نظام العمل السعودي؟
تم تعديل المادة ٧٧ من نظام العمل السعودي بموجب المرسوم الملكي رقم ( م/ 46) وتاريخ 5 / 6 / 1436 هـ لتنص على الآتي:
> “ما لم يتضمن العقد تعويضًا محددًا مقابل إنهائه من أحد الطرفين لسبب غير مشروع، يستحق الطرف المتضرر من إنهاء العقد تعويضًا على النحو الآتي:
- 1. أجر خمسة عشر يومًا عن كل سنة من سنوات خدمة العامل، إذا كان العقد غير محدد المدة.
- 2. أجر المدة الباقية من العقد إذا كان العقد محدد المدة.
- 3. يجب ألا يقل التعويض المشار إليه … عن أجر العامل لمدة شهرين.”
الجدير بالذكر هذا النص يوضح القاعدة العامة للتعويض في حال إنهاء العقد من أحد الطرفين بشكل غير مشروع، ويهدف إلى حماية الطرف المتضرر، سواء كان العامل أو صاحب العمل، مع مراعاة مدة العقد ونوعه.
يمكنك التعرف على نظام حماية الأجور في السعودية وآلية الشكوى واسترداد الأجور
أثر نوع العقد على مقدار التعويض في المادة 77
تُفرّق المادة ٧٧ من نظام العمل السعودي في تقدير التعويض المستحق عند إنهاء العقد بشكل غير مشروع، وذلك بحسب نوع العقد:
- إذا كان العقد غير محدد المدة: يستحق العامل تعويضًا يعادل أجر خمسة عشر يومًا عن كل سنة من سنوات الخدمة.
- إذا كان العقد محدد المدة: يُحتسب التعويض بما يعادل الأجر عن المدة المتبقية من العقد.
وفي كلتا الحالتين، تشترط المادة ألا يقل التعويض عن أجر شهرين كحد أدنى، إلا إذا نص العقد على خلاف ذلك
هل يمكن التعديل على تعويضات المادة ٧٧ في العقد؟
يمكن تعديل التعويضات المنصوص عليها في المادة ٧٧ من نظام العمل السعودي ضمن بنود عقد العمل، ولكن بشروط نظامية محددة
حيث يجيز النظام لأطراف العقد (صاحب العمل والعامل) الاتفاق على تعويض أعلى من الحد الأدنى المنصوص عليه في المادة، وذلك بما يحقق مصلحة العامل، شريطة أن يكون التعديل مكتوبًا وصريحًا في العقد أو في اتفاق لاحق.
ومع ذلك، لا يجوز أن يتضمن العقد أي شرط يقلل من حق العامل في التعويض إلى ما دون الحد الأدنى المقرر نظامًا، وإلا يُعد ذلك مخالفًا لأحكام النظام ويُعتبر الشرط لاغيًا.
المادة ٧٧ مقابل المادة ٨٠: الفرق الأساسي
يُعد فهم الفارق بين المادة 80 والمادة ٧٧ من نظام العمل السعودي أمرًا جوهريًا لتحديد الحقوق والالتزامات في حالات إنهاء عقد العمل، وفيما يلي توضيح الفروقات الأساسية:
1. الأساس النظامي لكل مادة:
- المادة 77: تعالج حالات إنهاء العقد من أي طرف (صاحب العمل أو العامل) دون سبب مشروع، وتُلزم الطرف الذي أنهى العقد بدفع تعويض للطرف الآخر وفقًا لما ينص عليه العقد أو بحسب القواعد المحددة في النظام.
- المادة 80: تختص بحالات فصل العامل دوكن مكافأة أو تعويض، إذا ارتكب العامل مخالفة جسيمة حددها النظام على سبيل الحصر.
2. جهة المبادرة بالإنهاء:
- المادة 77: يمكن لأي طرف إنهاء العقد، سواء العامل أو صاحب العمل، ويترتب على ذلك التزام بدفع تعويض للطرف الآخر.
- المادة 80: فهي تمنح صاحب العمل فقط الحق في فصل العامل فورًا دون تعويض إذا تحقق أحد الأسباب النظامية المذكورة فيها.
إطلع أيضا بشكل مفصل على شرح المادة ٨٠ من نظام العمل السعودي
3. أثر الإنهاء على التعويض:
- المادة 77: العامل يستحق تعويضًا، إلا إذا كان هو من بادر بإنهاء العقد دون مبرر.
- المادة 80: العامل لا يستحق أي تعويض أو مكافأة إذا ثبت ارتكابه مخالفة تستوجب الفصل مثل:
- الغياب المتكرر دون عذر مشروع.
- الإخلال الجسيم بواجبات العمل.
- السلوك غير المهني أو ارتكاب فعل مخل بالشرف.
- التزوير للحصول على الوظيفة.
4. الإجراءات النظامية:
- المادة 77: لا تشترط تحقيقًا داخليًا أو توثيقًا معينًا، بل تُطبّق إذا تم إنهاء العقد دون سبب مشروع.
- المادة 80: تشترط اتباع إجراءات دقيقة وإثبات المخالفة قبل اتخاذ قرار الفصل، وإلا عُدّ الفصل تعسفيًا ويُعامل وفق أحكام المادة 77.
خدمات “ساند” والتعويض الرسمي: كيف تستفيد؟
يُعد نظام التأمين ضد التعطل عن العمل “ساند” أحد أبرز برامج الحماية الاجتماعية التي أطلقتها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، ويهدف إلى توفير دعم مالي مؤقت للمشتركين السعوديين الذين فقدوا وظائفهم لأسباب خارجة عن إرادتهم.
يساهم هذا البرنامج في الحد من آثار فقدان الوظيفة من خلال تقديم دخل شهري مؤقت، مما يتيح للمتضرر فرصة البحث عن عمل جديد دون الوقوع في ضائقة مالية وللاستفادة من تعويض “ساند”، يجب أن يكون الموظف مستوفيًا لشروط محددة، أبرزها:
- أن يكون سعودي الجنسية
- أن يكون قد اشترك في نظام التأمينات لمدة لا تقل عن 12 شهرًا متصلة أو 18 شهرًا متقطعة
- أن لا يكون قد ترك العمل بإرادته أو نتيجة لسبب تأديبي
- ألا يكون لديه مصدر دخل آخر، وأن يكون قادرًا على العمل ومستعدًا للبحث الجاد عن وظيفة.
بعد استيفاء الشروط، يمكن تقديم الطلب إلكترونيًا عبر موقع التأمينات الاجتماعية خلال مدة لا تتجاوز 90 يومًا من تاريخ ترك العمل وفي حال الموافقة، يتم صرف التعويض على مرحلتين:
- المرحلة الأولى: بنسبة 60% من متوسط الأجر الشهري الخاضع للاشتراك عن كل شهر من الأشهر الثلاثة الأولى
- المرحلة الثانية: بنسبة 50% لباقي فترة التعويض، على ألا يتجاوز إجمالي المدة 12 شهرًا.
في ضوء ما تقدم تُبرز أهمية المادة ٧٧ من نظام العمل السعودي في تحقيق التوازن بين حقوق العامل وصلاحيات صاحب العمل، خصوصًا في حالات إنهاء العقد غير المشروع. ويُعد نوع العقد عاملًا مؤثرًا في مقدار التعويض، مع إمكانية الاتفاق على تعديله ضمن شروط العقد، ويكتمل الفهم عند مقارنة المادة ٧٧ بالمادة ٨٠ التي تتناول الفصل لأسباب تأديبية وفي حال فقدان الوظيفة، يوفّر نظام “ساند” دعمًا ماليًا وتأهيليًا يُخفف الأثر ويوفر فرصًا جديدة. فهم هذه العناصر ضروري لضمان حقوق الطرفين وبناء علاقة عمل نظامية ومستقرة.
لا توجد تعليقات