موافقة مجلس الوزراء على نظام تملك غير السعوديين للعقار تمثل خطوة استراتيجية تعكس التوجه الجاد للمملكة نحو تعزيز البيئة الاستثمارية وتنويع مصادر الدخل ضمن إطار رؤية السعودية 2030 ،فهذا القرار التاريخي، الذي صدر في يوليو 2025، يفتح المجال أمام الأفراد والشركات الأجنبية لتملك العقارات داخل المملكة ضمن ضوابط محددة، ويهدف إلى خلق سوق عقاري أكثر ديناميكية وتنافسية، مع المحافظة على استقرار السوق المحلي ومصالح المواطنين.
في هذا المقال، سنتناول تفاصيل هذا النظام الجديد، ونوضح مزايا واشتراطات تملك الأجانب للعقارات في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة، مع التطرق إلى الضمانات التي وضعتها المملكة لحماية السوق العقاري السعودي كما نسلط الضوء على دور هيئة العقار في تحديد النطاقات الجغرافية المسموح بها، ونُبرز التكامل بين نظام الإقامة المميزة والتملك العقاري للأجانب، ونحلل في النهاية أثر النظام على حركة السوق وفرص التطوير العقاري في المملكة.
موافقة مجلس الوزراء على نظام تملك غير السعوديين للعقار 2026
مع موافقة مجلس الوزراء على نظام تملك غير السعوديين للعقار في جلسته المنعقدة بتاريخ الثامن من يوليو 2025م، برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، أعلنت المملكة انطلاقة مرحلة
جديدة تهدف إلى تعزيز البيئة الاستثمارية مع الحفاظ على التوازن بين مصلحة المستثمر والمواطن.
وقد تم نشر تفاصيل القرار في الصحيفة الرسمية (أم القرى) بتاريخ 11 يوليو 2025م، على أن يبدأ العمل بالنظام رسميًا في يناير 2026، بعد إصدار اللائحة التنفيذية خلال مدة لا تتجاوز 180 يومًا من تاريخ الموافقة، وذلك عبر المنصة الإلكترونية “استطلاع”.
هذا النظام يُعد تطورًا محوريًا يواكب التحولات الاقتصادية الكبرى التي تشهدها المملكة، ويأتي كجزء من مبادرات رؤية السعودية 2030 لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتنويع مصادر الدخل، وتطوير البيئة الحضرية.
كما يُنتظر أن تُفصل اللائحة التنفيذية لاحقًا في شروط الشراء، فئات العقارات المسموح بها، ورسوم التملك للمستثمرين من خارج المملكة.
مزايا واشتراطات تملك الأجانب في الرياض وجدة وفق قرار مجلس الوزراء
قرار موافقة مجلس الوزراء على نظام تملك غير السعوديين للعقار يسمح بتملك الأجانب ضمن نطاقات جغرافية محددة، خاصة في الرياض وجدة، ويشترط توافر اشتراطات تنظيمية واضحة لضبط حركة السوق وتحقيق التوازن .
تحدد هذه النطاقات، الهيئة العامة للعقار بحيث تضمن عدم تأثير التملك على مسكن المواطنين، مع فرض رقابة مشددة على نقل الملكية والتصرفات العقارية.
حماية السوق السعودي: التوازن بين جذب المستثمرين ومصلحة المواطنين
مع موافقة مجلس الوزراء على نظام تملك غير السعوديين للعقار، أكدت الجهات الرسمية أن الهدف من النظام هو إيجاد توازن دقيق بين تحفيز الاستثمار وحماية مصالح المواطنين السعوديين في مجال السكن والتملك.
وقد شدد معالي وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان – ماجد الحقيل – على أن النظام الجديد يأتي ضمن سياسة منضبطة لضبط السوق العقاري وضمان عدم تأثر المواطنين سلبًا بعمليات التملك الأجنبية
تعرف أيضا على الإفراغ العقاري الإلكتروني في السعودية
دور هيئة العقار في تحديد النطاقات الجغرافية وشروط تملك الأجانب

في سياق موافقة مجلس الوزراء على نظام تملك غير السعوديين للعقار أُوكلت إلى الهيئة العامة للعقار مهام محورية تتعلق بضبط وتوجيه عمليات التملك
وذلك بما يضمن حماية السوق العقاري وتوجيه الاستثمار الأجنبي نحو المناطق التي تحتاج إلى تنمية عمرانية واقتصادية ،وتتمثل أبرز أدوار الهيئة وفقًا للنظام والقرار الصادر عن مجلس الوزراء فيما يلي:
تحديد النطاقات الجغرافية المسموح فيها بالتملك
تقوم الهيئة بتصنيف المناطق في المملكة بحسب جاهزيتها العمرانية واستيعابها للاستثمار العقاري، بحيث تُفتح مناطق معينة لتملك غير السعوديين، بينما تُستثنى مناطق أخرى حساسة أو مكتظة أو مخصصة لمشاريع وطنية.
اقتراح الضوابط والشروط الفنية
تعمل الهيئة على صياغة اللائحة التنفيذية للنظام بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وتُحدد من خلالها معايير المساحة، نوع العقار، الحد الأدنى لقيمته، وآلية التملك والنقل والتصرف.
التنسيق مع الجهات الرقابية والأمنية
تتعاون الهيئة مع وزارة الشؤون البلدية، ووزارة الداخلية، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، لضمان مواءمة التملك مع متطلبات الأمن الحضري والرقابة المالية والشفافية.
إصدار التراخيص وإدارة المنصة الإلكترونية
ستقوم الهيئة بتشغيل منصة إلكترونية رسمية لتلقي طلبات التملك من غير السعوديين، ومتابعة المعاملات العقارية المرتبطة بهم، وربطها بسجلات موحدة لتوثيق العقود والبيوع.
تقدير الأثر العقاري والسكاني
قبل السماح بتملك الأجانب في منطقة معينة، تُجري الهيئة دراسات ميدانية ومالية لقياس أثر التملك على أسعار العقارات، وتوافر السكن للمواطنين، وتوازن العرض والطلب في تلك المنطقة.
بهذه الأدوار، تمثل الهيئة العامة للعقار خط الدفاع الأول في ضبط هذا التوجه الجديد، بما يحقق تنمية المدن وجذب الاستثمار، دون التفريط في استقرار السوق العقاري .
التكامل بين نظام الإقامة المميزة وتملك العقارات للأجانب
النظام الجديد يتكامل مع نظام الإقامة المميزة إذ يسمح لحاملي الإقامة المميزة بتملك العقارات دون قيود إضافية، . كما يُنسج مع اتفاقيات تملك مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، ضمن بيئة متوازنة بين التملك والاستثمار.
وبالتالي، فإن التكامل بين النظامين يمنح المستثمر الأجنبي بيئة استثمارية مشجعة، واضحة، ومحفوفة بالضمانات، مما يسهم في رفع مستوى الثقة في السوق العقاري السعودي، ويعزز من جاذبية المملكة كوجهة مستقرة للعيش والاستثمار طويل الأجل.
إطلع أيضا على قرارت مجلس الوزراء : الموافقة على نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة
تأثير الموافقة على نظام تملك العقارات للأجانب على سوق العقارات

من المتوقع أن تُحدث موافقة مجلس الوزراء على نظام تملك غير السعوديين للعقار تحولات ملحوظة في هيكلة السوق العقاري السعودي، سواء من حيث الطلب أو العرض أو آليات التسعير.
فبدخول مستثمرين أجانب مؤهلين، تتوسع قاعدة المستفيدين من العقارات، ما يؤدي إلى تنشيط حركة البيع والشراء وزيادة السيولة داخل السوق.
وفي الوقت نفسه، فإن ضبط هذا التوسع من خلال اشتراطات دقيقة (كقيمة العقار، نوع الغرض، والموقع الجغرافي) يمنع الممارسات العشوائية ويحمي السوق من المضاربات.،لذا يُتوقع أن يُسهم النظام الجديد في:
- زيادة المعروض العقاري الموجه للفئات الاستثمارية: خاصة في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والمنطقة الشرقية، مما يشجع شركات التطوير العقاري على إطلاق مشاريع جديدة متوسطة وعالية القيمة.
- تعزيز التنافسية ورفع مستوى الجودة: إذ سيتطلب جذب المستثمر الأجنبي تقديم منتجات عقارية حديثة وموثقة وتراعي المعايير العالمية في البناء والتشطيب.
- تحفيز المستثمر المحلي على رفع مستوى أدائه: وتحديث أدواته التمويلية والتسويقية لمجاراة الانفتاح الجديد في السوق.
- نقل السوق إلى مرحلة أكثر نضجًا وشفافية: من خلال دمج المستثمر الأجنبي في منظومة عقارية رقمية موحدة، مما يُحسّن مؤشرات السوق ويعزز الثقة المحلية والدولية فيه.
في المجمل، موافقة مجلس الوزراء على نظام تملك غير السعوديين للعقار لا تهدف إلى مجرد فتح الباب للتملك للأجانب، بل إلى إعادة هيكلة السوق العقاري وفق رؤية استراتيجية تجمع بين الانفتاح الاقتصادي وحماية السوق المحلي
تمثل موافقة مجلس الوزراء على نظام تملك غير السعوديين للعقار نقطة تحول مفصلية في مسار السوق العقاري السعودي، حيث يُعاد رسم قواعد الاستثمار العقاري بما يواكب مستهدفات رؤية 2030. فالنظام لا يقتصر على السماح بالتملك فحسب، بل يرسّخ مبادئ الشفافية والتنظيم، من خلال ضوابط واضحة تحدد المواقع، والأهداف، والآليات، بما يحفظ التوازن بين جذب المستثمر الأجنبي وحماية مصلحة المواطن ،وفي ظل الدور التنظيمي الفاعل لهيئة العقار، والتكامل مع نظام الإقامة المميزة، يُتوقع أن يسهم هذا النظام في تنشيط القطاع، وتحفيز المطورين، وتوسيع فرص التملك المنظم. ومع قرب دخول النظام حيز التنفيذ في 2026، تتجه الأنظار إلى تنفيذ فعّال يحقق النمو العقاري المستدام دون الإخلال بالعدالة السكنية للمواطنين.

لا توجد تعليقات