أصدرت المملكة نظام التعاملات الإلكترونية ولائحته التنفيذية لتكون مرجعًا نظاميًا في ظل التقدم التكنولوجي المتسارع واعتماد المجتمعات على الوسائل الرقمية في أداء المهام اليومية حيث ظهرت الحاجة إلى وجود أنظمة وتشريعات تنظم التعاملات الإلكترونية و تضمن موثوقية وأمان هذه التعاملات
وفي هذا المقال، سنتناول مفهوم النظام وأهدافه، وأهميته في التحول الرقمي وسنتناول أيضًا تفاصيل اللائحة التنفيذية وأهم بنودها و آليات التوثيق الإلكتروني والعقوبات المرتبطة بالمخالفات و وسائل حماية البيانات وتأثير النظام على القطاعين العام والخاص والتحديات التي تواجه تطبيق النظام وحلولها المُنفذة والمقترحة
تعريف التعاملات الإلكترونية
التعاملات الإلكترونية تشير إلى أي تبادل أو تراسل أو تعاقد، أو أي إجراء آخر يتم إبرامه أو تنفيذه كليًا أو جزئيًا بوسيلة إلكترونية
يمكن أن تشمل هذه التعاملات إرسال واستقبال المستندات الإلكترونية، توقيع العقود الرقمية، أو أي نشاط آخر يتم عبر الوسائل التقنية الحديثة مثل الإنترنت
تهدف هذه التعاملات إلى تسهيل العمليات التجارية والحكومية وتوفير الوقت والجهد، مع ضمان أمان المعلومات وحماية حقوق الأطراف المعنية.
نظام التعاملات الإلكترونية
يُعرَّف نظام التعاملات الإلكترونية بأنه الإطار التشريعي والتنظيمي الذي يعالج جميع أنواع التبادل التجاري أو الإداري أو الشخصي الذي يتم بوسائل إلكترونية، مثل الإنترنت أو الشبكات الداخلية أو تطبيقات الهواتف الذكية
وقد صدر النظام في المملكة بموجب مرسوم ملكي رقم (م/١٨) بتاريخ 1428/3/8 هـ الموافق : 27/3/2007 م ويهدف إلى منح الاعتراف القانوني للتعاملات الرقمية، بما في ذلك التوقيع الإلكتروني، وحماية خصوصية الأفراد والمؤسسات.
أهداف نظام التعاملات الإلكترونية
يسعى نظام التعاملات الإلكترونية ولائحته التنفيذية لتحقيق عدة أهداف رئيسية، منها:
- تعزيز الثقة في التعاملات الإلكترونية:
من خلال اعتماد آليات تحقق رسمية وشهادات موثوقة.
- تمكين التحول الرقمي:
بتوفير أساس نظامي للخدمات الرقمية في جميع القطاعات.
- تنظيم التوقيع الإلكتروني:
وتحديد القواعد النظامية المعترف بها لهذا النوع من التوقيع.
- رفع الكفاءة التشغيلية:
من خلال تقليل الاعتماد على الإجراءات الورقية.
- تعزيز الأمن السيبراني:
بتحديد واجبات الجهات الحكومية والخاصة في حماية البيانات.
إطلع أيضا على التعريف بنظام الخدمة المدنية الجديد
أهمية نظام التعاملات الإلكترونية في التحول الرقمي

يشكل النظام ركيزة أساسية في رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى بناء حكومة رقمية فعالة. ومن أبرز أوجه الأهمية:
- إضفاء الصفة القانونية على التعاملات الرقمية:
يضمن النظام أن المعاملات التي تتم إلكترونيًا مثل التوقيع الرقمي والعقود الإلكترونية معترف بها رسميًا، مما يعزز الثقة في الاعتماد على الوسائل الرقمية.
- تمكين الحكومة الرقمية:
يساعد النظام الجهات الحكومية على تقديم خدماتها بشكل إلكتروني، مثل إصدار الوثائق، وتوثيق المعاملات، مما يسهّل حياة المواطنين ويزيد من كفاءة الأداء الحكومي.
- دعم بيئة الأعمال والاستثمار:
من خلال تقليل الاعتماد على المستندات الورقية وتوفير آليات سهلة وإجراءات إلكترونية ميسرة مما يُسهم في تسريع العمليات التجارية وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
- تعزيز الأمن السيبراني:
يتضمن النظام ضوابط لحماية البيانات وتوثيق الهوية، مما يقلل من مخاطر الاحتيال الإلكتروني والاختراقات.
- رقمنة الخدمات الحكومية:
مثل خدمات الأحوال المدنية، المرور، التأشيرات وهو ما يتماشى مع رؤية المملكة ٢٠٣٠
إطلع أيضا على التعريف بنظام الإعلام المرئي والمسموع
اللائحة التنفيذية لنظام التعاملات الإلكترونية
يهدف نظام التعاملات الإلكترونية ولائحته التنفيذية إلى تنظيم استخدام الوسائل الإلكترونية في المعاملات الرسمية والتجارية، بما يضمن الموثوقية والسرية وسلامة البيانات
وتحدد اللائحة القواعد المتعلقة بالتوقيعات الرقمية، وشهادات التصديق الرقمي، والجهات المرخصة لتقديم خدمات التصديق، كما تنظم مسؤوليات الأطراف، وحقوق المستخدمين، وآليات التحقق من الهوية
أهم بنود اللائحة التنفيذية لنظام التعاملات الإلكترونية
من أهم التنظيمات التي تقرها بنود اللائحة التنفيذية لنظام التعاملات الإلكترونية ما يلي:
- التوقيع الإلكتروني:
تحديد شروط صحة التوقيع الإلكتروني واعتماده قانونيًا، متى ما استوفى المتطلبات المحددة.
- شهادات التصديق الرقمي:
تنظيم إصدار وإدارة شهادات التصديق، ومنح التراخيص لمقدمي خدمات التصديق الرقمي.
- مزودي خدمات التصديق:
وضع الشروط والمتطلبات اللازمة لترخيص الجهات التي تقدم خدمات التصديق الرقمي ومراقبة أدائها.
- حماية البيانات والخصوصية:
إلزام جميع الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لحماية سرية المعلومات الإلكترونية ومنع الوصول غير المصرح به.
- المعاملات الإلكترونية الحكومية:
تمكين الجهات الحكومية من استخدام الوسائل الإلكترونية في تعاملاتها الرسمية.
- التكافؤ القانوني:
اعتبار الوثائق الإلكترونية والتوقيعات الإلكترونية معادلة للورقية من حيث الحجية القانونية متى توافرت الشروط.
- التحقق من الهوية:
وضع ضوابط وآليات للتحقق من هوية الأطراف في المعاملات الإلكترونية.
- الجزاءات والعقوبات:
تحديد المخالفات والعقوبات المترتبة على انتهاك أحكام النظام واللائحة.
آليات التحقق والتوثيق الإلكتروني
حدد نظام التعاملات الإلكتروني ولائحته التنفيذية آليات دقيقة للتحقق والتوثيق الإلكتروني لضمان أمان ومصداقية التعاملات الرقمية، ومن أبرزها:
- شهادات التصديق الرقمي:
تُصدر من جهات مرخصة ومعتمدة مثل المركز الوطني للتصديق الرقمي (NCDC)، وتُستخدم لربط هوية المستخدم بمفتاحه الإلكتروني العام، لضمان أصالة المرسل وسلامة البيانات.
- التوقيع الإلكتروني الموثوق:
يُعد وسيلة تحقق رسمية لهوية الموقع، ويكتسب حجية قانونية إذا كان مستندًا إلى شهادة تصديق رقمية معتمدة وتم إنشاؤه باستخدام وسائل آمنة.
- التحقق من الهوية الإلكترونية:
من خلال ربط البيانات الشخصية بأنظمة وطنية مثل منصة نفاذ ،لضمان تطابق هوية المستخدم مع بياناته الرسمية.
- التشفير:
يتم اعتماد التشفير لحماية المحتوى الإلكتروني أثناء الإرسال والتخزين، وضمان عدم قراءته أو تعديله من قبل أطراف غير مصرح لهم.
- التحقق متعدد العوامل:
في بعض الخدمات، يُطلب أكثر من وسيلة تحقق، مثل كلمة المرور مع بصمة أو رمز تحقق يُرسل لهاتف المستخدم.
هذه الآليات مجتمعة تُشكل البنية الأمنية والقانونية لنظام التعاملات الإلكترونية ولائحته التنفيذية، وتوفر الثقة بين الأطراف المتعاملة إلكترونيًا
تعرف أيضا على نظام المحاكم التجارية ولائحته التنفيذية
العقوبات والمخالفات في نظام التعاملات الإلكترونية
في نظام التعاملات الإلكترونية السعودي، تم تحديد عقوبات ومخالفات تهدف إلى حماية التعاملات الرقمية وضمان سلامتها، وتشمل ما يلي:
أولاً: أبرز المخالفات
حددت المادة رقم (٢٣) من نظام التعاملات الإلكترونية أبرز المخالفات التي يعاقب عليها النظام ومن أبرزها الآتي :
- استخدام توقيع إلكتروني غير مصرح أو مزور.
- إصدار شهادة تصديق رقمي من جهة غير مرخصة.
- تزوير أو تحريف مستند إلكتروني أو توقيع رقمي.
- الوصول غير المشروع إلى نظام إلكتروني أو بيانات محمية.
- الإفشاء غير المصرح به للمعلومات أو البيانات الشخصية.
- إتلاف أو تعطيل مستندات إلكترونية عمداً.
- انتحال هوية إلكترونية لغرض الإضرار أو الغش.
ثانياً: العقوبات في نظام التعاملات الإلكترونية
حددت المادة رقم (٢٤) من نظام التعاملات الإلكترونية عقوبات الجرائم الواردة في المادة السابقة بالآتي :
- الغرامات المالية:
قد تصل إلى 5 ملايين ريال سعودي بحسب نوع المخالفة وخطورتها.
- السجن:
لمدة تصل إلى 5 سنوات في حالات الجرائم الجسيمة كالتزوير أو الاختراق.
- إلغاء أو تعليق الترخيص:
لمزودي خدمات التصديق الرقمي الذين يخالفون الأنظمة.
- ثالثاً: الجهات الرقابية:
تخضع التعاملات الإلكترونية في السعودية لمراقبة ومتابعة من جهات متعددة من أهمها الآتي :
- وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات.
- الهيئة الوطنية للأمن السيبراني.
- المركز الوطني للتصديق الرقمي.
- الجهات القضائية للنظر في المخالفات.
تحديات تطبيق النظام وحلولها
تطبيق نظام التعاملات الإلكترونية ولائحته التنفيذية في السعودية واجه عدة تحديات، لكن تم التعامل معها بخطوات واضحة وحلول مدروسة. إليك أبرز التحديات مع الحلول المقترحة أو المنفذة:
أولاً: التحديات في تطبيق نظام التعاملات الإلكترونية
- ضعف الوعي المجتمعي والثقافة الرقمية:
حيث لا يزال البعض يفضل المعاملات الورقية بسبب قلة الثقة بالتقنية أو عدم المعرفة
- الأمن السيبراني والتهديدات الرقمية:
ازدياد محاولات الاختراق، وانتحال الهوية، والتزوير الإلكتروني.
- قلة الكوادر المتخصصة:
نقص في الكفاءات الفنية المتخصصة في التشفير، وإدارة البيانات، والتصديق الرقمي.
- التحديات النظامية :
الحاجة إلى تحديث الأنظمة والتشريعات باستمرار لمواكبة التطورات التقنية.
ثانياً: الحلول في تحديات تطبيق نظام التعاملات الإلكترونية
- التوعية والتثقيف:
إطلاق برامج تدريبية، ومنصات تعليمية توضح أهمية التعاملات الإلكترونية وطرق الأمان.
- تعزيز الأمن السيبراني:
إنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، وتطبيق سياسات صارمة لحماية البنية التحتية الإلكترونية
- تكامل الأنظمة الحكومية:
تفعيل منصات مثل “تكامل” و”نفاذ”، وربط الجهات عبر خدمات موحدة لتبادل البيانات بأمان.
- تأهيل الكوادر الوطنية:
دعم التعليم التقني، وابتعاث متخصصين في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي.
- تطوير الأنظمة القانونية:
تحديث نظام التعاملات الإلكترونية واللائحة التنفيذية بشكل دوري، وإصدار نظام حماية البيانات الشخصية (PDPL).
تأثير نظام التعاملات الإلكترونية على القطاعين العام والخاص

أحدث نظام التعاملات الإلكترونية ولائحته التنفيذية تأثيرًا كبيرًا على كل من القطاع العام والقطاع الخاص، وغيّر طريقة تقديم الخدمات والتفاعل مع المستفيدين. وإليك أبرز آثاره على كلا القطاعين:
أولاً: القطاع العام
- تحسين كفاءة الخدمات الحكومية:
من خلال تسريع الإجراءات والمعاملات الإدارية (مثل إصدار الوثائق، التصاريح، والخدمات البلدية).
- التحول الرقمي الكامل:
وذلك بإطلاق منصات مثل أبشر، توكلنا، ونفاذ التي تسهّل الوصول إلى الخدمات الحكومية إلكترونيًا.
- تقليل التكاليف التشغيلية:
تقليل الاعتماد على الورق والموارد البشرية، مما يقلل الهدر ويرفع الكفاءة.
- تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد:
التوثيق الرقمي يقلل من التدخل البشري، مما يقلل من فرص الفساد أو التلاعب.
ثانياً: القطاع الخاص:
- سهولة إنجاز المعاملات:
مثل تسجيل الشركات و إصدار الفواتير الإلكترونية والتعامل مع الجهات الحكومية إلكترونيًا.
- توسيع سوق التجارة الإلكترونية:
البيئة الرقمية المشجعة سهلت على الشركات دخول السوق الإلكتروني والبيع عبر الإنترنت.
- تعزيز الثقة وحماية الحقوق:
وجود نظام يحمي التوقيعات والعقود الإلكترونية عزز ثقة الشركات في إجراء تعاملات رقمية.
- تشجيع الابتكار والتحول التقني:
ظهور خدمات رقمية جديدة في مجالات مثل التوصيل، التقنية المالية والصحة الإلكترونية.
يُعد نظام التعاملات الإلكترونية ولائحته التنفيذية حجر الأساس في تعزيز الحوكمة الرقمية بالمملكة. ويعكس مدى الجدية في بناء اقتصاد رقمي قوي يوفر بيئة نظامية موثوقة، ويضمن حماية الحقوق في الفضاء السيبراني.
وفي ختام المقال نكون قد استعرضنا سويًا جوانب متعددة من نظام التعاملات الإلكترونية، بدءًا من تعريفه وأهدافه وصولًا إلى أهميته في التحول الرقمي و تناولنا كذلك اللائحة التنفيذية للنظام، مع أبرز بنودها وآليات التحقق والتوثيق الإلكتروني التي تضمن أمان التعاملات.كما تم التطرق للعقوبات والمخالفات المتعلقة بالنظام، إلى جانب التحديات التي قد تعترض تطبيقه وحلولها واخيرًا استعرضنا أثر النظام على القطاعات الحكومية والخاصة ودوره في دعم التحول الرقمي وتحقيق رؤية المملكة ٢٠٣٠
لا توجد تعليقات