المقاصة في النظام السعودي

المقاصة في النظام السعودي


المقاصة في النظام السعودي تُعد من الأدوات النظامية الهامة التي تسهم في تسوية الالتزامات المتقابلة بين الأطراف، مما يساهم في تقليل النزاعات القضائية وتيسير المعاملات المالية.  تكتسب المقاصة أهمية متزايدة في ظل التطورات الاقتصادية والتشريعية في المملكة العربية السعودية، حيث تُستخدم كوسيلة فعّالة لإنهاء الالتزامات المتبادلة دون الحاجة إلى تنفيذات منفصلة. 

وفي هذا المقال، نسلّط الضوء على مفهوم المقاصة القضائية في النظام السعودي، ونوضح شروطها وأهم الفروقات بينها وبين المقاصة النظامية، بالإضافة إلى استعراض أنواع المقاصة الأخرى مثل التجارية والمصرفية. كما نناقش الإجراءات النظامية للمقاصة ضمن نظام التنفيذ، ونحلل آلياتها في النظام التجاري، مع إبراز دور البنك المركزي السعودي (ساما) في تنظيم المقاصة المصرفية

ما هي المقاصة القضائية في النظام السعودي؟

المقاصة القضائية هي وسيلة نظامية تُستخدم لتسوية الالتزامات المتقابلة بين طرفين، حيث يُسقط كل منهما جزءًا من دينه مقابل ما عليه للطرف الآخر.  وفقًا لما نصت عليه المادة رقم (٢٨١) من نظام المعاملات المدنية 

ولذلك تُعتبر المقاصة  في النظام السعودي أداة فعّالة لتقليل النزاعات القضائية وتسهيل تسوية الديون بين الأطراف. 

شروط المقاصة القضائية في النظام السعودي

لتحقيق المقاصة القضائية في النظام السعودي، يجب توافر الشروط التى نصت عليها المادة رقم (٢٨١) من نظام المعاملات المدنية وهى الآتي :

  •  تبادل الديون: 

يجب أن يكون كل من الطرفين دائنًا ومدينًا للآخر.

  •  تجانس المحل

يجب أن يكون محل الالتزام في الديون المتقابلة من نفس النوع والصفة سواء نقودًا أو أشياء متماثلة .

  • استحقاق الديون:

 يجب أن تكون الديون مستحقة الأداء.

  • عدم وجود مانع نظامي:

 يجب ألا يكون هناك مانع نظامي يحول دون إجراء المقاصة. 

تعرف أيضا على التحول الرقمي في القضاء السعودي: تحليل عميق لتطوير العدالة والخدمات القضائية في المملكة

أنواع المقاصة في النظام السعودي: القضائية والتجارية والمصرفية 

أنواع المقاصة في النظام السعودي
أنواع المقاصة في النظام السعودي

تتنوع المقاصة في النظام السعودي إلى عدة أنواع، منها: 

المقاصة القضائية

 تتم بقرار من المحكمة عند توافر شروطها.

المقاصة النظامية

 تتم تلقائيًا عند توافر الشروط دون الحاجة إلى اتفاق أو حكم قضائي.

المقاصة الاتفاقية

 تتم بناءً على اتفاق بين الطرفين.

المقاصة المصرفية

تُستخدم بين البنوك لتسوية المعاملات المالية. 

إجراءات المقاصة في نظام التنفيذ السعودي

في نظام التنفيذ السعودي، يمكن للمحكوم عليه طلب المقاصة عند تنفيذ حكم قضائي، وذلك باتباع الخطوات التالية: 

  •  تقديم طلب المقاصة للمحكمة:

الخطوة الأولى هي أن يقوم الطرف الذي يرغب في إجراء المقاصة بتقديم طلب رسمي للمحكمة المعنية، موضحًا فيه الدينين المتقابلين 

  • فحص المحكمة لشروط المقاصة:

تقوم المحكمة بمراجعة الطلب للتحقق من توافر شروط المقاصة المنصوص عليها في المادة رقم (٢٨١) من نظام المعاملات المدنية

  •  التحقق من صحة المستندات والأدلة:

تطلب  المحكمة من الطرفين تقديم المستندات المؤيدة لوجود الدينين المتقابلين، مثل:

المستندات التي تثبت صحة الدين، مثل الشيكات أو العقود.

  •  إصدار حكم المقاصة:

إذا تأكدت المحكمة من صحة الطلب والمستندات المقدمة، تقوم بإصدار حكم قضائي بتنفيذ المقاصة بين الدينين وعادةً ما يتم تنفيذ المقاصة بمقدار الدين الأقل.

  •  تنفيذ حكم المقاصة؛

بعد إصدار الحكم، يقوم القاضي بتوجيه التنفيذ الفوري للمقاصة و يتم تطبيق المقاصة من خلال خصم المبالغ المتقابلة من حسابات الطرفين، أو خصم الدين المستحق من المبالغ المستحقة للطرف الآخر.

  • إشعار الأطراف بالحكم:

بمجرد أن يتم تنفيذ المقاصة، تقوم المحكمة بإشعار الأطراف المعنية بالحكم ونتيجته ويجب على الطرفين التوقيع على إشعار التنفيذ لإتمام العملية.

يمكنك أيضا الإطلاع على محامي القضاء الإداري في السعودية

المقاصة في النظام المصرفي السعودي

إليك تعريفها وتنظيمها ومزاياها :

التعريف:

هي المقاصة التي تتم بين البنوك والمؤسسات المالية لتسوية الالتزامات الناتجة عن عمليات التحويلات المالية، والشيكات، والإيداعات، والسحوبات، سواء داخل السعودية أو بين البنوك الدولية.

التنظيم: 

ينظمها البنك المركزي السعودي (ساما) من خلال قواعد المقاصة الإلكترونية وتعتمد على أنظمة الدفع الإلكتروني المعتمدة من ساما مثل نظام “سريع” و”سداد”.

المزايا:

  • تُسهل تسوية المعاملات المالية اليومية.
  • تُقلل من مخاطر التخلف عن السداد بين البنوك.
  • تُعزز الاستقرار المالي في القطاع المصرفي.

المقاصة في النظام التجاري السعودي

في النظام التجاري السعودي، تُعرّف المقاصة بأنها العملية التي يتم فيها مقابلة الديون المتقابلة بين طرفين تجاريين، بحيث يتم تسوية الديون المتبادلة بدلاً من إجراء مدفوعات نقدية منفصلة لكل دين على حدة ويتم ذلك وفقًا لما يتم الاتفاق عليه بين الأطراف أو بموجب حكم قضائي.

تُستند المقاصة التجارية في النظام السعودي إلى مبادئ العرف التجاري وأحكام نظام المعاملات التجارية السعودي، الذي ينظم العلاقات التجارية بين الأطراف

 كما أن المقاصة في النظام السعودي يمكن أن تكون جزءًا من العقود التجارية التي تنظم عمليات الشركات والتجار، بالإضافة إلى بعض القواعد النظامية التي تحدد كيفية تنفيذ المقاصة.

أنواع المقاصة في النظام التجاري السعودي

تنقسم المقاصة في النظام التجاري السعودي إلى الأنواع الآتية :

  •  المقاصة الدائنة: 

هي المقاصة التي تتم عندما يكون الطرفان مدينين لبعضهما البعض، حيث يمكن لكل طرف خصم الدين المستحق عليه من المبالغ المستحقة للطرف الآخر. 

  •  المقاصة بين الشركات:

 يتم استخدام المقاصة بين الشركات التجارية التي تكون لديها علاقات مالية متبادلة. على سبيل المثال، إذا كانت هناك شركتان بينهما تبادلات تجارية، يمكنهما تسوية الديون المتقابلة عن طريق المقاصة لتجنب الدفعات النقدية.

  • المقاصة في الحسابات الجارية

تُستخدم في الحسابات الجارية بين التجار أو الشركات، حيث يتم خصم المبالغ المستحقة من الحسابات الجارية للطرفين بشكل دوري

إقرأ أيضا عن الدعوى المستعجلة في النظام السعودي: حماية الحقوق العاجلة بإجراءات نظامية دقيقة

دور البنك المركزي السعودي (ساما ) في المقاصة

دور البنك المركزي السعودي ساما في المقاصة
المقاصة في النظام السعودي 4

البنك المركزي السعودي يشرف على أنظمة المقاصة في النظام السعودي لضمان استقرار النظام المالي وضمان تسوية المدفوعات بشكل آمن بين البنوك التجارية و في هذا السياق، يضطلع البنك المركزي بعدة أدوار هامة:

  •  تنظيم وتطوير أنظمة المقاصة:

البنك المركزي يطور ويدير أنظمة المقاصة الإلكترونية مثل نظام المدفوعات السعودي (SARIE) و نظام المقاصة الآلية لضمان تسوية المدفوعات بين البنوك بشكل فعال وسريع.

  •  تسوية المعاملات بين البنوك:

البنك المركزي يضمن تسوية المدفوعات بين البنوك التجارية، ويشرف على نظام المقاصة في النظام السعودي بين البنوك لتسهيل التحويلات المالية بين الحسابات المختلفة بشكل آمن.

  • ضمان سلامة النظام المالي:

يضمن البنك المركزي سلامة النظام المالي من خلال الإشراف على عمليات المقاصة، مما يساعد في تقليل المخاطر المالية المحتملة بين الأطراف المتعاملة.

  • إدارة السيولة النقدية:

يساهم البنك المركزي في إدارة السيولة بين البنوك لضمان توازن الأموال بين البنوك التجارية، مما يساعد في استقرار النظام المالي.

  • دعم المقاصة في المعاملات الدولية

من خلال الاتفاقيات مع البنوك المركزية العالمية،، مما يساهم في تسوية المعاملات المالية العابرة للحدود.

  •  حماية المستهلكين في المقاصة:

يشرف البنك المركزي على حماية حقوق المستهلكين في حالة وجود نزاعات أو أخطاء في المعاملات المالية المتعلقة بالمقاصة بين البنوك.


تتجلى أهمية المقاصة في النظام السعودي في تنظيم العلاقات المالية وتسويتها بطرق مرنة وفعالة فالمقاصة لا تقتصر على كونها أداة لتصفية الديون، بل تمثل آلية تساهم في تقليل النزاعات وتيسير التعاملات، مما يعزز الثقة في النظامين القضائي والاقتصادي على حد سواء.

وقد تناول هذا المقال شرحًا متكاملًا لعدة محاور أساسية، شملت: تعريف المقاصة القضائية ، شروطها، أنواع المقاصة (القضائية والتجارية والمصرفية)، الفروق الجوهرية بينها وبين المقاصة النظامية، إلى جانب استعراض إجراءات المقاصة في نظام التنفيذ، وتحليل المقاصة في النظامين المصرفي والتجاري، مع تسليط الضوء على الدور التنظيمي والإشرافي الذي يقوم به البنك المركزي السعودي (ساما) 

5/5 - (95 صوت)

لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *