تُعد عقوبة الإتجار بالبشر في السعودية من أبرز العقوبات التي شددت عليها الأنظمة السعودية، نظرًا لخطورة هذه الجريمة التي تنتهك حقوق الإنسان وكرامته. وقد أولت المملكة اهتمامًا بالغًا بمكافحة هذه الظاهرة، من خلال سن أنظمة صارمة تهدف إلى ردع الجناة وحماية الضحايا.
في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل عقوبة الإتجار بالبشر في السعودية، مستعرضين الجوانب المختلفة لهذه الجريمة، بما في ذلك تعريفها، العقوبات المقررة، الحالات المشددة ، وحالات الإعفاء من العقوبة والفرق بين الإتجار بالبشر وتهريب الأشخاص، وتعامل النظام السعودي مع جرائم تجارة الأعضاء وأخيرًا التأثيرات النظامية والاجتماعية لجرائم الإتجار بالبشر
الإتجار بالبشر في السعودية: تعريف الجريمة وأبرز صورها النظامية
تعّرف المادة رقم (١) من نظام نظام مكافحة جرائم الإتجار بالأشخاص في السعودية الإتجار بالبشر بأنه: “استخدام شخص، أو إلحاقه، أو نقله، أو إيواءه، أو استقباله من أجل إساءة الاستغلال”،
وتشمل أبرز صور الإتجار بالبشر كما ورد بالمادة رقم (٢) من النظام نفسه مايلي:
- العمل القسري: إجبار الضحية على العمل تحت ظروف غير إنسانية وبلا مقابل عادل.
- الاستغلال الجنسي: إجبار الضحايا على تقديم خدمات ذات طبيعة جنسية بالإكراه.
- الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق: معاملة الضحية كملكية خاصة، وحرمانه من حريته.
- الاستعباد: استخدام الشخص بشكل دائم في أعمال أو خدمات قسرية.
- نزع الأعضاء: استغلال الشخص عبر إزالة أحد أعضائه وبيعه أو استخدامه دون موافقة حرة ومستنيرة.
- التسول المنظم: إجبار الضحايا على التسول وتحقيق مكاسب مادية لصالح الجناة.
- إجراء تجارب الطبية: مثل تجربة مفعول عقار جديد أو أي إجراء طبي بغرض التجريب
وقد أكد النظام السعودي على أن الإتجار بالأشخاص يُعد جريمة حتى وإن تمت بموافقة الضحية، إذا توافرت وسائل الإكراه أو الاستغلال، مما يعكس طبيعة الجريمة التي تنتهك كرامة الإنسان وحقوقه الأصيلة.
عقوبة الإتجار بالبشر في السعودية
حددت المادة رقم (٣) من نظام مكافحة جرائم الإتجار بالأشخاص العقوبة الأساسية للإتجار في البشر بالسجن لمدة لا تزيد على خمس عشرة سنة، أو بغرامة لا تزيد على مليون ريال، أو بهما معًا.
ويمكن أن يتم تشديد العقوبة أو فرض عقوبات إضافية على حسب موضوع الجريمة
متى يتم تشديد عقوبة الإتجار بالبشر في النظام السعودي؟
يتم تشديد عقوبة الإتجار بالبشر في السعودية في الحالات التي حددتها المادة رقم (٤) من نظام مكافحة جريمة الإتجار بالأشخاص وهي الآتي :
- إذا ارتكبت الجريمة من خلال جماعة إجرامية منظمة.
- إذا ارتكبت ضد امرأة
- إذا ارتكبت الجريمة ضد أحد ذوي الاحتياجات الخاصة.
- في حال ارتكبت الجريمة ضد طفل حتى ولو لم يكن الجاني على دراية بكون المجني عليه طفلًا.
- إذا استعمل مرتكبها سلاحًا أو هدد به
- لو كان مرتكبها زوجا للمجني عليه، أو أحد أصوله، أو أحد فروعه، أو وليه، أو كانت له سلطة عليه.
- إذا كان مرتكبها موظفًا من موظفي إنفاذ الأنظمة.
- في حالة مرتكبها أكثر من شخص.
- إذا كانت الجريمة عبر الحدود الوطنية.
- في حالة ترتب على الجريمة إلحاق ضرر كبير بالمجني عليه، أو إصابته بعاهة مستديمة
عقوبات إضافية لجرائم الإتجار بالبشر في السعودية
إلى جانب العقوبات الأساسية لم يغفل المنظم السعودي وضع عقوبات رادعة للشروع أو التستر أو المشاركة أو عدم الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم ، وإليك تفاصيل هذه العقوبات :
عقوبة استخدام القوة للتأثير على المسئولين أو الشهود
حددت المادة رقم (٦) من النظام المذكور عقوبة السجن لمدة لا تزيد عن خمس سنوات أو غرامة لا تزيد عن ٢٠٠ ألف ريال ، أو بالعقوبتين معًا في الحالات الآتية :
- استخدام التهديد للحصول على شهادة زور أو التدخل في الإدلاء بها في جريمة تتعلق بالإتجار بالبشر
- استخدام التهديد للتدخل في ممارسة أي مسؤول قضائي- أو معني بإنفاذ النظام فيما يتعلق بأي من جرائم الإتجار بالبشر
عقوبة التستر على جرائم الإتجار بالبشر
وفقًا للمادة رقم (٧) من النظام المذكور
يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على (سنتين) أو بغرامة لا تزيد على (مائة ألف) ريال، أو بهما معا؛ كل من علم بارتكاب جريمة من جرائم الإتجار بالبشر أو علم بالشروع فيها، أو حصل على معلومات أو إرشادات تتعلق بها، ولم يبلغ فورا الجهات المختصة بذلك
ويجوز للمحكمة المختصة استثناء الوالدين والأولاد والزوجين والإخوة والأخوات من أحكام هذه المادة.
عقوبة المساهمة في الجريمة
وففًا للمادة رقم (٨) من نظام مكافحة جرائم الإتجار بالأشخاص يعاقب بعقوبة الفاعل، كل من ساهم في جريمة الاتجار بالأشخاص
عقوبة حيازة أو إخفاء أشياء متحصلة من الجريمة
وفقًا للمادة رقم (٩) من النظام نفسه
يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على (خمس) سنوات، أو بغرامة لا تزيد على (مائتي ألف) ريال، أو بهما معا في الحالات التالية:
- حيازة أشياء متحصلة من إحدى جرائم الإتجار بالبشر ، أو أخفاها، أو صرفها،
- إخفاء شخص أو أكثر من الذين اشتركوا في الجريمة بقصد معاونته على الفرار من العدالة مع علمه بذلك
- المساهمة في إخفاء معالم الجريمة أو إتلاف أدلة أو مستندات
عقوبة الشروع في الجريمة
حددت المادة رقم (١٠) من نفس النظام عقوبة الشروع في أي جريمة من جرائم الإتجار بالبشر بعقوبة الجريمة الكاملة
المصادرة
وففًا للمادة رقم (١١) من نفس النظام يجوز للمحكمة المختصة في جميع الأحوال مصادرة الأموال الخاصة والأمتعة والأدوات وغيرها مما يكون قد استعمل، أو أعد للاستعمال، في ارتكاب جريمة الاتجار بالأشخاص، أو تحصل منها
الإعفاء من عقوبة الإتجار بالبشر في السعودية
وفقًا للمادة رقم (١٢) من نظام مكافحة جرائم الإتجار بالأشخاص يعفى من عقوبة الإتجار بالبشر في السعودية كل من بادر من الجناة بإبلاغ الجهات المختصة بما يعلمه عنها قبل البدء في تنفيذها، وكان من شأن ذلك اكتشاف الجريمة، قبل وقوعها أو ضبط مرتكبها أو الحيلولة دون إتمامها.
أما إذا تم الإبلاغ بعد وقوع الجريمة، جاز إعفاؤه من العقوبة إذا مكّن السلطات المختصة قبل البدء في التحقيق من القبض على مرتكبي الجريمة الآخرين.
أما في حالة الإبلاغ أثناء التحقيق فلا يمكن الإعفاء من العقوبة ولكن يجوز تخفيفها
الفرق بين الإتجار بالبشر وتهريب الأشخاص في النظام السعودي
قد يخلط البعض بين جرائم الإتجار بالبشر وجرائم تهريب الأشخاص ولكن هناك فروقات جوهرية بين الجريمتين تكمن في الآتي:
- الإتجار بالبشر:
يهدف إلى استغلال الضحية في أعمال مثل العمل القسري أو الاستغلال الجنسي ، او باقي الاشكال التي قمنا بذكرها
- تهريب الأشخاص:
يهدف إلى نقل الأشخاص عبر الحدود بطريقة غير نظامية، دون نية استغلالهم بعد الوصول.
كيف يتعامل النظام السعودي مع جرائم الإتجار بالأعضاء البشرية؟
يُعد نزع الأعضاء البشرية من صور الإتجار بالأشخاص، ويُعاقب مرتكبها بالسجن لمدة لا تزيد على خمس عشرة سنة، أو بغرامة لا تزيد على مليون ريال، أو بهما معًا.
الآثار النظامية والاجتماعية لجرائم الإتجار بالبشر في المملكة
تؤدي جرائم الإتجار بالبشر إلى آثار سلبية على المجتمع، منها:
- انتهاك حقوق الإنسان وكرامته.
- تفكك النسيج الاجتماعي.
- زيادة معدلات الجريمة.
- الإضرار بسمعة المملكة دوليًا.
الختام
في الختام يتضح أن جريمة الاتجار بالبشر من أخطر الجرائم التي تنتهك الكرامة الإنسانية وحقوق الأفراد، ولذلك أولتها المملكة اهتمامًا بالغًا من خلال منظومة صارمة تهدف إلى ردع مرتكبيها، وحماية الضحايا،
وقد تناول هذا المقال أبرز الجوانب المتعلقة ب عقوبة الاتجار بالبشر في السعودية، بدءًا من تعريف الجريمة وصورها النظامية، مرورًا ببيان العقوبات الأساسية والمشددة، والعقوبات الإضافية، وشروط الإعفاء، وصولًا إلى التفريق بين الاتجار بالبشر وتهريب الأشخاص، واستعراض موقف النظام من الاتجار بالأعضاء البشرية، وانتهاءً ببحث الآثار النظامية والاجتماعية المترتبة على هذه الجريمة في المجتمع
لا توجد تعليقات