إدراج الشركات في السوق المالية السعودية يعد خطوة محورية في مسيرة الشركات نحو التوسع والشفافية وتعزيز ثقة المستثمرين. يُمكِن الإدراج الشركات من جمع رؤوس أموال جديدة، وزيادة قيمتها السوقية، وتوسيع نطاق أنشطتها، فضلاً عن تعزيز حوكمتها والتزامها بالمعايير النظامية والإفصاح المالي. ونتيجة لذلك، أصبح الإدراج أداة إستراتيجية هامة تسهم في رفع كفاءة السوق المالية وتحقيق النمو المستدام.
ويتناول هذا المقال الجوانب الرئيسية المتعلقة بعملية إدراج الشركات في السوق المالية السعودية، بدءًا من التعريف بمفهوم الإدراج، والتفريق بين السوق الرئيسية والسوق الموازية “نمو”، مرورًا بشروط ومتطلبات كل سوق حسب لوائح هيئة السوق المالية، ووصولًا إلى خطوات الإدراج التفصيلية من التأسيس حتى القبول النهائي. كما نسلط الضوء على دور هيئة السوق المالية في تنظيم هذه العملية، وعلاقة الطرح العام الأولي (IPO) بالإدراج، إضافة إلى توضيح حالات تعليق أو إلغاء الإدراج، وأخيرًا أثر الإدراج على نمو الشركات .
ما المقصود بإدراج الشركات في السوق المالية السعودية؟
إدراج الشركات في السوق المالية السعودية يعني قبول أوراق الشركة المالية (أسهم أو سندات) في السوق المالي السعودي (تداول)، وفق قواعد وضوابط دقيقة وضعتها هيئة السوق المالية السعودية
الجدير بالذكر أن الإدراج يعد وسيلة للشركات للحصول على خيار تمويل عام من المستثمرين، ومفتاحًا لتنمية رأس المال وسد احتياجات التوسع، كما يعزز من مكانتها التنظيمية والسمعة أمام الشركاء التجاريين.
ما الفرق بين السوق الرئيسية والسوق الموازية (نمو) في السعودية؟
يتمثل الفرق بين السوق الرئيسية والسوق الموازية (نمو) في عدة جوانب رئيسية تتعلق بشروط الإدراج ومتطلبات الإفصاح ونوع الشركات المستهدفة، كما يلي:
السوق الرئيسية
- مخصصة للشركات الكبيرة والمتوسطة.
- تشترط أن يكون للشركة سجل تشغيل لا يقل عن 3 سنوات.
- عدد المساهمين من الجمهور يجب أن لا يقل عن 200 مساهم.
- الحد الأدنى لنسبة الطرح العام 30% من رأس المال أو بقيمة لا تقل عن 300 مليون ريال.
- يجب أن تبلغ القيمة السوقية المتوقعة للشركة عند الإدراج 300 مليون ريال على الأقل.
- تتطلب التزامًا أعلى بمتطلبات الإفصاح والحوكمة.
- تعيين مستشار مالي إلزامي، أما المستشار النظامي فاختياري.
السوق الموازية (نمو)
- صُممت خصيصًا لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
- يُكتفى بسنة واحدة فقط من النشاط التشغيلي قبل الإدراج.
- الحد الأدنى لعدد المساهمين من الجمهور هو 50 مساهمًا.
- الحد الأدنى للطرح العام هو 20% من الأسهم أو ما يعادل 30 مليون ريال.
- القيمة السوقية المتوقعة لا تقل عن 10 ملايين ريال.
- متطلبات الإفصاح والحوكمة أقل تشددًا من السوق الرئيسية.
- تعيين مستشار مالي إلزامي، والمستشار النظامي اختياري كذلك.
كلا السوقين يخضعان لإشراف هيئة السوق المالية وتنظيم تداول السعودية ويمكن للشركات المدرجة في “نمو” الانتقال لاحقًا إلى السوق الرئيسية بعد استيفاء متطلباتها.
تعرف أيضا على اندماج الشركات في النظام السعودي وفق نظام الشركات الجديد ٢٠٢٥: دليل المستثمرين ورواد الأعمال
شروط الإدراج في السوق الرئيسية السعودية حسب لائحة هيئة السوق المالية

شروط الإدراج في السوق الرئيسية السعودية تنظمها “لائحة قواعد الإدراج” الصادرة عن هيئة السوق المالية السعودية، وتشمل الشروط الرئيسية ما يلي:
الحد الأدنى لرأس المال
يجب ألا يقل رأس المال المصدر للشركة عن 300 مليون ريال سعودي.
الحد الأدنى للنسبة المطروحة من الأسهم
يجب أن تطرح الشركة ما لا يقل عن 30% من أسهمها للجمهور، ويجوز تقليله إلى 25% في بعض الحالات التي تُراعي عدد المساهمين.
عدد المساهمين عند الإدراج
يجب أن يكون لدى الشركة ما لا يقل عن 200 مساهم من الجمهور عند الإدراج.
سجل مالي مدقق
يجب أن تقدم الشركة قوائم مالية مدققة لثلاث سنوات مالية متتالية قبل التقديم، على أن تكون تلك القوائم أُعدت وفق المعايير الدولية للتقارير المالية (IFRS).
متطلبات الحوكمة والامتثال
يجب أن تلتزم الشركة بأنظمة الحوكمة وقواعد الإفصاح الصادرة عن هيئة السوق المالية.
الإفصاح عن المخاطر
يجب على الشركة تقديم نشرة إصدار شاملة تتضمن معلومات مالية وإدارية ونظامية وإفصاح عن المخاطر المؤثرة على الاستثمار.
هذه المتطلبات تهدف إلى ضمان أن إدراج الشركات في السوق المالية السعودية الرئيسية بطريقة تضمن الاستقرار المالي والشفافية
شروط الإدراج في السوق الموازية “نمو” للشركات الصغيرة والمتوسطة
ل إدراج الشركات في السوق المالية السعودية الموازية لابد من تحقق هذه الشروط:
نوع الشركة
يجب أن تكون شركة مساهمة سعودية، أو شركة مساهمة مملوكة غالبية رأس مالها لمواطني دول التعاون الخليجي .
الحد الأدنى للقيمة السوقية
لا تقل عن 10 مليون ريال سعودي عند الإدراج .
نسبة الطرح للجمهور
على الأقل 20% من الأسهم المطروحة، أو ما يعادل 30 مليون ريال، أيهما أقل.
عدد المساهمين من الجمهور
- 50 مساهمًا على الأقل إذا كانت القيمة السوقية للأسهم المطلوب إدراجها تزيد على 40 مليون ريال.
- 35 مساهمًا إذا تقل القيمة عن 40 مليون ريال .
النشاط التشغيلي
يجب أن يكون للشركة نشاط رئيسي فعلي خلال سنة مالية واحدة على الأقل .
المستشار المالي والنظامي
- مستشار مالي (إلزامي)
- مستشار قانوني (اختياري) أثناء مرحلة الطرح والإدراج .
خطوات إدراج شركة مساهمة في السوق المالي السعودي من البداية حتى القبول
تمر خطوات إدراج شركة مساهمة في السوق المالي السعودي بعدة مراحل منظمة وفقًا للوائح هيئة السوق المالية، ويمكن تلخيص هذه الخطوات الرئيسية كما يلي:
تعيين مستشار مالي مرخص
تبدأ الشركة بتعيين مستشار مالي معتمد من هيئة السوق المالية، يتولى إعداد كافة متطلبات الطرح والإدراج والتواصل مع الجهات المختصة.
التقييم الأولي وجاهزية الشركة
يُجري المستشار المالي مراجعة شاملة للهيكل المالي والإداري والحوكمة ونشاط الشركة للتحقق من مدى توافقها مع شروط الإدراج
إعداد نشرة الإصدار أو مستند الطرح
يتم إعداد نشرة إصدار تحتوي على كافة التفاصيل المتعلقة بالشركة، مثل القوائم المالية المدققة، نشاط الشركة و المخاطر.
تقديم الطلب إلى هيئة السوق المالية
تتقدم الشركة رسميًا بطلب الموافقة على طرح أسهمها للاكتتاب العام (أو الإدراج المباشر في بعض الحالات)، مرفقًا بكافة المستندات والنماذج المطلوبة.
مراجعة الهيئة والموافقة على الطرح
تقوم هيئة السوق المالية بمراجعة شاملة للطلب ونشرة الإصدار خلال مدة محددة (عادة 45 يوم عمل)، وفي حال استيفاء الشروط يتم منح الموافقة الرسمية.
تحديد متعهد التغطية (إن وجد)
في حال كان الإدراج عن طريق اكتتاب عام، يتم التعاقد مع متعهد تغطية لتسويق الطرح وضمان تغطية الأسهم المطروحة.
عملية الاكتتاب العام أو الإدراج المباشر:
في حالة الاكتتاب العام:
يتم فتح باب الاكتتاب للمستثمرين المؤهلين (أفراد ومؤسسات)، وتخصيص الأسهم حسب النتائج.
في حالة الإدراج المباشر:
يتم إدراج الشركات في السوق المالية السعودية بدون طرح عام، وتُعرض للتداول مباشرة بعد استيفاء المتطلبات.
إتمام الإجراءات مع “تداول” (السوق المالية السعودية)
بعد موافقة الهيئة، يتم التنسيق مع شركة السوق المالية “تداول” لتحديد موعد الإدراج، وتخصيص رمز تداول، واستكمال المتطلبات الفنية والإدارية.
الإدراج وبدء التداول
تُدرج الشركة رسميًا في السوق المالية السعودية ويبدأ تداول أسهمها في التاريخ المحدد، ضمن فئة السوق المناسبة (رئيسية أو نمو).
هذه الخطوات قد تختلف في بعض التفاصيل حسب نوع إدراج الشركات في السوق المالي السعودي وحجم الشركة، وسوق الإدراج المختار. .
ما دور هيئة السوق المالية في تنظيم إدراج الشركات في تداول السعودية؟
تلعب هيئة السوق المالية دورًا رئيسيًا في تنظيم عملية إدراج الشركات في السوق المالي السعودي (تداول )، وتتمثل أبرز أدوار الهيئة فيما يلي:
وضع اللوائح والقواعد التنظيمية
تصدر الهيئة لائحة قواعد الإدراج وغيرها من الأنظمة المنظمة للطرح العام والإدراج المباشر.
مراجعة الطلبات ونشرات الإصدار
تقوم الهيئة بفحص دقيق لنشرات الإصدار والوثائق المقدمة من الشركات الراغبة في الإدراج .
منح الموافقات الرسمية
تُصدر الهيئة الموافقة على طرح الأسهم أو الإدراج المباشر في حال استيفاء الشركة لكافة الشروط .
الرقابة والإشراف المستمر
تتابع الهيئة أداء الشركات المدرجة لضمان التزامها المستمر بمتطلبات الإفصاح والحوكمة والشفافية. وتتدخل عند حدوث مخالفات
الطرح العام الأولي (IPO) وعلاقته بإدراج الشركات في السوق المالية
يمثل الطرح العام الأولي (IPO) الخطوة الأساسية نحو إدراج الشركات في السوق المالية السعودية، حيث تقوم الشركة بطرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام لأول مرة.
ويُعد IPO أداة استراتيجية تهدف إلى:
- جمع رأس مال جديد لدعم التوسع والنمو.
- توسيع قاعدة المساهمين وزيادة السيولة.
- تعزيز الشفافية والامتثال للحوكمة.
وبالتالي، يُعد الطرح العام الأولي البوابة النظامية للدخول إلى السوق المالية، ويُوفر منصة تداول منظمة تحت رقابة دقيقة تحمي المستثمرين وتعزز ثقة السوق
متى يمكن تعليق أو إلغاء إدراج شركة من السوق المالية؟
يجوز لـ تداول السعودية أو هيئة السوق المالية تعليق أو إلغاء إدراج الشركات في السوق المالية السعودية في حالات محددة لضمان حماية السوق، ومن أبرز هذه الحالات:
- عدم الالتزام المستمر بمتطلبات الإفصاح أو الحوكمة.
- توقف الشركة عن مزاولة نشاطها الرئيسي أو دخولها في تصفية أو إفلاس.
- انخفاض القيمة السوقية أو رأس المال إلى ما دون الحدود النظامية.
- تكرار المخالفات الجسيمة أو وجود معلومات مضللة تؤثر على قرارات المستثمرين.
- عدم تقديم القوائم المالية في المواعيد المحددة رغم التنبيهات.
- طلب الشركة نفسها الإلغاء أو التحول إلى شركة خاصة.
ويتم التعليق أو الإلغاء وفق إجراءات محددة تتيح للشركة مهلة لتصحيح أوضاعها قبل اتخاذ القرار النهائي.
يمكنك أيضا التعرف على إعادة هيكلة الشركات في السعودية: خطوة استراتيجية نحو النمو والاستدامة
ما أثر الإدراج في السوق المالية على نمو الشركات وتحقيق رؤية 2030؟

يُعد إدراج الشركات في السوق المالية السعودية أحد الأدوات المحورية لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، لما له من آثار إيجابية مباشرة على نمو القطاع الخاص واقتصاد المملكة، وأبرز هذه الآثار:
تعزيز مصادر التمويل
يتيح الإدراج للشركات الوصول إلى رأس مال جديد لتمويل التوسع والاستثمار.
رفع مستوى الشفافية والحوكمة
يُلزم الإدراج الشركات بتطبيق معايير حوكمة صارمة، مما يعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين.
تحفيز الكفاءة التشغيلية والإدارية
يعزز الإدراج من الانضباط المالي ويشجع الشركات على تحسين الأداء المؤسسي.
جذب الاستثمارات الأجنبية
يرفع الإدراج من جاذبية السوق السعودي ويُسهم في جذب المستثمرين العالميين ضمن مبادرة فتح الأسواق.
تمكين القطاع الخاص
يدعم الإدراج نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويُشجع على تحويلها إلى شركات مساهمة عامة قادرة على المنافسة.
وتجدر الإشارة إلى مساهمة الإدراج في تنمية الاقتصاد غير النفطي، وزيادة مساهمة السوق المالية في الناتج المحلي.
ومن المهم أيضا التعرف على أنواع الشركات في النظام السعودي
إدراج الشركات في السوق المالية السعودية ليس مجرد خطوة إجرائية بل هو مسار استراتيجي ينعكس إيجابًا على أداء الشركات ونمو الاقتصاد الوطني. فسواء تعلق الأمر بالإدراج في السوق الرئيسية أو في السوق الموازية “نمو”، فإن لكل مسار متطلباته ومزاياه التي تخدم فئات مختلفة من الشركات بحسب حجمها واستعدادها للامتثال لمعايير الحوكمة والشفافية ،وقد استعرضنا في هذا المقال الفرق بين السوقين، والشروط النظامية لكل منهما، بالإضافة إلى خطوات الإدراج بدءًا من مرحلة التجهيز وحتى القبول، مع إبراز الدور الرقابي والتنظيمي المهم الذي تلعبه هيئة السوق المالية. كما تناولنا العلاقة بين الطرح العام الأولي (IPO) والإدراج، والظروف التي قد تؤدي إلى تعليق أو إلغاء الإدراج، وصولًا إلى التأثير الإيجابي للإدراج في تمكين الشركات وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

لا توجد تعليقات