هل يختلف تقسيم التركة عندما يتم عبر اتفاق بين الورثة عن تقسيمها بحكم قضائي صادر من المحكمة؟ كثير من الورثة لا يدركون الفرق بين القسمة القضائية والودية للتركة في السعودية، مما قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مناسبة، أو الدخول في نزاعات كان يمكن تجنبها باتفاق واضح أو بإجراءات نظامية صحيحة.
وعند النظر في نظام الأحوال الشخصية والأنظمة ذات الصلة، نجد أن لكل نوع من أنواع القسمة قواعده، وشروطه، وآلية تنفيذه، سواء تم تقسيم التركة وديًا بالتراضي بين الورثة، أو قضائيًا عبر المحكمة لحسم النزاع أو حماية حقوق القُصّر وغير القادرين على تمثيل أنفسهم.
ويتناول هذا المقال بالتفصيل الفرق بين القسمة القضائية والودية للتركة، مع بيان الإجراءات العملية لكل نوع، وذكر الحالات التي تستوجب تدخل المحكمة، إضافةً إلى المزايا والعيوب المرتبطة بكل نوع ، كما سنتطرق إلى أثر وجود قُصَّر أو محجور عليهم في التركة، ودور الخبراء العقاريين في تقدير الممتلكات .
الفرق بين القسمة القضائية والودية للتركة في النظام السعودي وأساسها الشرعي
الفرق بين القسمة القضائية والودية في السعودية ينبع أساسًا من المرجعية التي تستند إليها كل طريقة ، حيث تعتبر القسمة القضائية والودية للتركة من الإجراءات القانونية في السعودية، كما أنهما يساعدان في تحقيق توزيع عادل للممتلكات، دعنا نأخذك في رحلة تعثقيفية لنتعرف سويًا عن الفق بين القسمة القضائية والودية للتركة حسب النظام السعودي..
أولًا القسمة الودية:
تعتمد على اتفاق الورثة المباشر على توزيع التركة بالتراضي، بما يتوافق مع الأنصبة الشرعية المقررة في القرآن الكريم والسنة، وهي صورة من صور التصالح التي حث عليها الإسلام لما فيها من درء للنزاعات وحفظ للألفة، ولعله يجدر بنا ذكر أنه عند اللجوء إلى القسمة القضائية والودية للتركة، يتحمل الورثة مسؤوليات قانونية وأخلاقية.
ثانيًا القسمة القضائية:
تتضمن الإجراءات في القسمة القضائية والودية للتركة مراحل متعددة يجب اتباعها بدقة، و تعني تدخل السلطة القضائية ممثلة في المحكمة العامة عند تعذر الاتفاق أو عند وجود ورثة قاصرين.
قد يهمك: كيفية تقسيم التركة في النظام السعودي
5 فروق أساسية بين القسمة القضائية والودية للتركة في السعودية
- طريقة التنفيذ: القسمة الودية تتم بالاتفاق بين الورثة وتوثق لدى جهة مختصة، أما القسمة القضائية فتتم بحكم صادر من المحكمة بعد رفع دعوى.
- وجود نزاع أو عدمه: تستخدم القسمة الودية عند اتفاق جميع الورثة دون خلاف، بينما تكون القسمة القضائية عند وجود نزاع أو رفض أحد الورثة للتقسيم.
- المدة الزمنية: الودية أسرع لأنها لا تتطلب إجراءات قضائية طويلة، بينما القضائية تستغرق وقتًا أطول بسبب جلسات المحكمة والخبرات والتثمين..
- الوصاية وحماية حقوق القُصّر: عند وجود قاصر أو غائب، يشترط في القسمة الودية موافقة المحكمة أو الجهات المختصة لحماية حقوقهم، أما في القسمة القضائية فيتولى القاضي حماية مصالحهم تلقائيًا.
- إمكانية الطعن أو الاعتراض: القسمة الودية لا تقبل الطعن بعد توقيع جميع الورثة إلا في حالات الغش أو الإكراه أو انعدام الأهلية، بينما القسمة القضائية تقبل الطعن وفق المدد النظامية أمام محاكم الاستئناف.
الإجراءات النظامية لرفع دعوى القسمة القضائية في المملكة العربية السعودية
عندما يتعذر الوصول إلى قسمة ودية، يتجه الورثة إلى المحكمة العامة لرفع دعوى قسمة قضائية عبر منصة ناجز الإلكترونية التابعة لوزارة العدل. وتشمل الخطوات ما يلي:
- تقديم الطلب إلكترونيا: عبر الدخول إلى منصة ناجز وتعبئة صحيفة الدعوى ، https://new.najiz.sa
- إرفاق المستندات: مثل صك حصر الورثة، وصكوك الملكية للأصول، والمستندات التي تثبت وجود التركة.
- إحالة الدعوى: إلى الدائرة المختصة في المحكمة العامة.
- التحقيق والاستعانة بالخبراء: إذا كانت التركة تشمل عقارات أو أصول يصعب تقسيمها عينيًا.
- إصدار الحكم: والذي قد يتضمن القسمة العينية إذا كانت ممكنة، أو البيع بالمزاد العلني وتوزيع الثمن.
هذه الإجراءات قد تستغرق وقتًا يتراوح بين عدة أشهر إلى سنوات بحسب حجم التركة وتعقيد النزاع، لكنها تضمن تنفيذًا ملزمًا يحمي جميع الأطراف، ولك أن تعلم أنه يمكن أن تتأثر نتائج القسمة القضائية والودية للتركة بالنزاعات القائمة بين الورثة.
يمكنك أيضا معرفة أهم ٤ أسباب امتناع بعض الورثة عن تقسيم التركة
خطوات القسمة الودية للتركة بين الورثة وأهم الضوابط المعمول بها
القسمة الودية تتميز ببساطتها وسرعتها، إذ يقوم الورثة بالاتفاق فيما بينهم على آلية التوزيع. وتشمل الضوابط والخطوات الأساسية:
- عقد اجتماع للورثة: للتباحث حول الأصول والممتلكات.
- تحديد الأنصبة الشرعية: وفق ما نصت عليه الشريعة الإسلامية.
- إعداد عقد قسمة: يوثق الاتفاق بين الورثة، ويفضل أن يتم بحضور محامٍ مختص لضمان صياغته نظاميًا.
- التوثيق الرسمي: عبر كاتب العدل أو من خلال منصة التوثيق الإلكترونية التابعة لوزارة العدل.
- تسجيل الملكيات: في حال وجود عقارات يتم تسجيل نقل الملكية في الهيئة العامة للعقار.
الجدير بالذكر أن القسمة الودية تسهل تجنب النزاع وتختصر الوقت والتكاليف، لكنها تتطلب حسن نية واتفاقًا كاملًا بين جميع الورثة.
الحالات التي تستوجب اللجوء إلى القسمة القضائية في المحاكم السعودية
هناك حالات معينة لا يمكن حلها بالتراضي، ويصبح فيها اللجوء إلى القسمة القضائية أمرًا لا مفر منه، مثل:
- رفض أحد الورثة القسمة الودية أو الاعتراض على حصته.
- وجود قُصَّر أو محجور عليهم، حيث لا يجوز إبرام اتفاق يخصهم دون موافقة المحكمة.
- الخلاف على أصل الملكية، كأن ينكر أحد الورثة ملكية عقار للتركة.
- تعذر القسمة العينية، مثل العقارات الصغيرة التي لا تحتمل التجزئة.
- غياب أحد الورثة أو عدم القدرة على الوصول إليه.
هذه الحالات أبرز ما يميز الفرق بين القسمة القضائية والودية للتركة في السعودية، لأن تدخل المحكمة هنا يصبح ضرورة لحماية الحقوق، وينبغي أن نؤكد على أنه يلزم وجود تعاون بين الورثة في القسمة القضائية والودية للتركة من أجل تفادي النزاعات.
مميزات القسمة الودية للتركة ومتى تكون الحل الأمثل للورثة
القسمة الودية لها العديد من المميزات التي تجعلها الخيار المفضل في كثير من الحالات ، وإليك أبرز المميزات:
تظهر القسمة القضائية والودية للتركة الفروقات الجوهرية في كيفية إدارة التركة.
- السرعة في الإنجاز: يمكن إتمامها في أيام أو أسابيع.
- قلة التكاليف: لا تتطلب رسوم قضائية مرتفعة أو خبراء.
- حفظ الروابط الأسرية: لأنها تبنى على التفاهم والتعاون.
- مرونة الاتفاق: حيث يمكن للورثة إجراء تبادلات أو مقايضات ترضي الجميع.
وتكون القسمة الودية هي الحل الأمثل عندما يكون الورثة جميعًا راشدين ومتفقين، ولا توجد نزاعات حول الملكية أو الأنصبة.
عيوب القسمة القضائية للتركة مقارنة بالقسمة الودية في السعودية
على الرغم من أنها تحقق العدالة عبر جهة رسمية، إلا أن القسمة القضائية قد تنطوي على بعض العيوب، مثل:
- بطء الإجراءات: حيث تستغرق وقتًا طويلًا مقارنة بالودية.
- ارتفاع التكاليف: رسوم المحاكم والخبراء والمحاماة.
- إمكانية البيع بالمزاد: مما قد يؤدي إلى بيع الأصول بأقل من قيمتها السوقية.
- التأثير السلبي على العلاقات الأسرية: نظرًا لطول النزاع وتدخل القضاء.
ولهذا، يُفضل اللجوء إلى القسمة القضائية فقط عند الضرورة.
دور المحكمة العامة في المملكة عند النظر في دعاوى قسمة التركة
تساهم القسمة القضائية والودية للتركة في حماية حقوق الورثة وتحقيق العدالة، حيث أن المحكمة العامة هي الجهة المختصة في السعودية بالنظر في قضايا قسمة التركة. ويشمل دورها:
- التحقق من المستندات وصكوك الملكية.
- تطبيق الأنصبة الشرعية كما وردت في نظام الأحوال الشخصية.
- تعيين خبراء مختصين لتقدير قيمة الأصول.
- إصدار حكم نهائي يعتبر سندًا تنفيذيًا ملزمًا لجميع الورثة.
وبهذا الدور، تضمن المحكمة أن يحصل كل وريث على حقه الشرعي وفق الضوابط النظامية.
أثر وجود القُصَّر أو المحجور عليهم على تقسيم التركة
من أهم النقاط التي تظهر الفرق بين القسمة القضائية والودية للتركة في السعودية مسألة وجود قُصَّر أو ورثة محجور عليهم، ففي هذه الحالة يعتبر فهم القسمة القضائية والودية للتركة أمرًا ضروريًا لتجنب المشاكل القانونية.
- لا تصح القسمة الودية إلا بعد مراجعة المحكمة واعتمادها لحماية حقوقهم.
- المحكمة تعين وليًا أو وصيًا يدير حصة القاصر حتى بلوغه.
- إشراف قضائي كامل: للتأكد من أن نصيب القاصر لم يتم الانتقاص منه.
نؤكد على أن القسمة القضائية والودية للتركة تساعد في تنظيم العلاقات بين الورثة، حيث أن هذا الإجراء يضمن حماية الفئات الضعيفة، وهو ما يعكس حرص النظام السعودي على العدالة.

أهمية الاستعانة بمحامي ميراث بالرياض
- ضمان تقسيم التركة وفق نظام الأحوال الشخصية والأنظمة الشرعية
- حماية حقوق القُصّر والغائبين والورثة غير القادرين على تمثيل أنفسهم
- تسريع إجراءات إصدار صكوك الحصر والقسمة والمبيعات
- معالجة النزاعات بين الورثة بشكل نظامي يحفظ الحقوق
- توثيق الاتفاقيات الودية بما يمنع الطعن أو النزاع مستقبلاً
- تمثيل الورثة أمام المحكمة عند الحاجة وتقديم الاعتراضات النظامية
آلية الاستعانة بالخبراء العقاريين في قضايا قسمة التركة قضائيا ووديًا
عند القسمة القضائية، غالبًا ما تنتدب المحكمة خبراء لتقدير قيمة الأصول وتحديد إمكانية القسمة العينية، مثلًا، إذا كان هناك عقار لا يقبل القسمة، يقترح الخبراء بيعه في المزاد، أما في القسمة الودية، فقد يلجأ الورثة بشكل مستقل إلى مكتب تقييم عقاري معتمد لتقدير الممتلكات قبل تقسيمها، ويستفيد الورثة من معرفة تفاصيل القسمة القضائية والودية للتركة قبل اتخاذ القرارات.
الفرق بين القسمة القضائية والودية للتركة في السعودية من المواضيع الجوهرية التي يجب على الورثة معرفتها عند التعامل مع مسائل الميراث، فاختيار الطريقة المناسبة لتقسيم التركة ليس مسألة شكلية، بل هو قرار يترتب عليه سرعة الإنجاز، حجم التكاليف، والحفاظ على العلاقات الأسرية.
وقد استعرضنا في هذا المقال جميع الجوانب المرتبطة بالموضوع، بدءًا من التعريف والأساس الشرعي، مرورًا بالإجراءات العملية والضوابط، وصولًا إلى المزايا والعيوب، مع بيان دور المحكمة والورثة والخبراء، ومن هنا يتضح أن القسمة الودية هي الخيار الأفضل إذا توفرت ظروفها، بينما القضائية تظل الحل الحاسم عند وجود نزاع أو ورثة قاصرين.
الأسئلة الشائعة
هل يشترط موافقة جميع الورثة لإجراء القسمة الودية؟
نعم، يجب موافقة جميع الورثة على القسمة الودية، وفي حال رفض أحدهم أو تعذر الاتفاق، يتم اللجوء إلى القسمة القضائية عبر المحكمة.
متى تصبح القسمة القضائية ضرورية؟
تكون القسمة القضائية ضرورية عند وجود نزاع بين الورثة، أو رفض بعضهم البيع أو التقسيم، أو وجود قاصر أو غائب يحتاج إلى حماية قانونية لحقوقه.
هل يمكن الطعن في القسمة الودية بعد الاتفاق؟
لا يمكن الطعن عليها بعد توقيع جميع الورثة إلا إذا ثبت وجود غش، أو إكراه، أو عدم أهلية أحد الورثة أثناء التوقيع، وفي هذه الحالات يمكن اللجوء للمحكمة لإبطال القسمة أو تعديلها.

لا توجد تعليقات