من المعروف أن المملكة العربية السعودية تتبع الشريعة الإسلامية بما ورد منها في الكتاب والسنة وذلك في جميع الأمور المتعلقة بالحياة اليومية للمواطنين، فقد استمدت الحكومة السعودية تشريعاتها والقوانين المنظمة لشتى المجالات من الشريعة الإسلامية،
إلا أنه في بعض الحالات قد لا نجد نصًا صريحا في كتاب الله أو الاحاديث النبوية يفيد بعقوبة ارتكاب فعل ما أو الحدود أو الكفارة له، وفي تلك الحالات يتم الاستناد على العقوبات التعزيرية والتي هي عبارة عن عقوبات تأديبية شرعتها المملكة وفرضتها على جميع الأفعال والجرائم التي لم يرد لها حدًا في الإسلام أو لتلك التي الجرائم الواقعة بدون اكتمال جميع شروطها.
ولعل الهدف الأول وراء تلك العقوبات التعزيرية هو إصلاح وردع وتكفير سيئات الجناة أو المذنبين إلى جانب رد حقوق وإنصاف المجني عليهم وإصلاح واستقامة المجتمع قدر المستطاع. وسنتطرق معًا خلال السطور التالية لحكم التعزير في الإسلام وأنواع العقوبات التعزيرية والحالات التي تسقط فيها تلك العقوبات.
حكم التعزير في الإسلام
أجاز علماء المسلمين اللجوء للعقوبات التعزيرية في الأفعال أو الجرائم التي لا حد لها ولا كفارة أو لتلك التي لها حد ولكن لم تكتمل شروطها التي تستوجب توقيع هذا الحد،
وذلك كأحد أنواع العقوبات التأديبية المساعدة في توقيع العقاب على اقتراف ذنب ما وعدم العودة إليه مرة أخرى. ومسئولية التعزير هنا تقع على ولي الأمر أو من ينوب عنه، حيث يجوز للزوج تعزير زوجته وللمعلم تعزير الطلاب لديه والأب تعزير أبنائه وهكذا.
الجرائم والأفعال التي تستوجب توقيع عقوبة التعزير
تختلف عقوبة التعزير الموقعة على حسب الفعل المرتكب وهي عقوبة تقديرية متروكة لحكم القاضي، فهناك بعض الأفعال المحرمة وأخرى تدخل في حكم الواجبات التي تم تركها أو إهمالها،
فنجد أن تأخير الصلاة عن أوقاتها وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم أداء الدين مع القدرة على ذلك تدخل جميعها في نطاق الواجبات المتروكة وهي تستوجب توقيع عقوبة تعزيرية عليها. أما الجرائم والأفعال المحرمة فمنها:
- سب الصحابة رضى الله عنهم.
- التزوير بالميل عن الحقيقة سواء بالزيادة أو النقصان.
- شهادة الزور.
- السرقة التي لا قطع فيها.
- اللواط.
- الرشوة.
- استغلال النفوذ.
- الاستمتاع بالأجنبية بما لا يوجد الحد، أو القذف بغير الزنا.
أنواع العقوبات التعزيرية
تخضع العقوبات التعزيرية الموقعة لحكم القاضي المختص وذلك وفقًا لمجموعة من الضوابط من أهمها حجم الجريمة والأضرار الناتجة عنها مع مراعاة الظروف المادية المعنوية حول ارتكاب تلك الجريمة بالإضافة إلى شرعية العقوبة وتشابهها مع عقوبة جرائم الحدود من نفس الفئة وتحقيق التوازن بين الجريمة والعقاب،
وتختلف العقوبة حسب درجة خطورة الجريمة نفسها فهناك تعزير بالقول ويشمل الوعظ والتوبيخ أو النهر أو الزجر أو التشهير وهناك تعزير بالفعل والذي يتمثل في العقوبات التالية:
- العزل من المنصب أو الوظيفة.
- الحبس والقيد
- الهجر أو التهديد
- النفي خارج البلاد
- الإقامة الجبرية
- الجلد
- إتلاف الأموال أو منع التصرف فيها
- التغريم
- الجلد
- القتل
حالات إسقاط عقوبة التعزير
تختلف جرائم التعزير عن الجرائم الحدودية في مرونة القاضي في تقدير العقوبة المقررة مع مراعاة الاعتبارات المادية والمعنوية حول أسباب وقوع الجريمة،
كما أنه يجوز معاقبة الصبي قبل سن البلوغ بإحدى العقوبات التعزيرية وهو الأمر الذي لا يجوز فعله في حالة جرائم الحدود. إلا أنه يجوز إسقاط عقوبة التعزير في بعض الحالات مثل تلك الأفعال التي يعفو فيها المجني عليه عن الجاني أو يرى فيها القاضي وجود مصلحة للشخص بالإصلاح في رفع العقوبة عنه، أما العقوبات التي تمس حق من حقوق الله فلا يجوز إسقاط العقوبة عنها.