لا تقل خطورة التحريض على ارتكاب جريمة ما عن خطورة الأثر المادي للجريمة نفسها، فالتحريض هو حث الغير على ارتكاب جريمة مع اختلاف نوعها، وقدد شددت التشريعات السعودية على خطورة أفعال التحريض حيث اعتبرتها أحد أهم أسباب ارتكاب الجرائم بالمملكة
وقد ظهر ذلك واضحا في العقوبات المفروضة على الكثير من الجرائم حيث أكدت السلطات السعودية على أن من يقوم بالتحريض أو الحث أو المساعدة على ارتكاب أي جريمة
يعاقب بنفس عقوبة الفاعل الرئيسي لها. والجدير بالذكر أن أفعال التحريض قد تتم بأكثر من وسيلة كالإيعاز أو الإثارة أو التعزيز أو التحبيذ وجميعها تمس الجانب النفسي والمعنوي لدي الجاني لحمله على ارتكاب الجريمة.
والتحريض هو بمثابة تجسيد للفكر الإجرامي بالمجتمع ومساهم فعال في خلق وإعداد المجرمين، ومن هذا المنطلق سعت السلطات السعودية للسيطرة على ذلك الفساد الاجتماعي والحد منه بفرض العديد من العقوبات،
فالمحرض هو شريك في الجريمة حتى وإن غاب عنها وقت التنفيذ، كما يعتبر شريكًا في الجريمة أيضًا كل من قام بمساعدة الجاني أو الاتفاق معه أو تسهيل تنفيذ الجريمة بمنح الجاني أدوات التنفيذ أو أسلحة أو ما شابه ذلك من الأدوات المساعدة في ارتكاب الجريمة.
ولإثبات جريمة التحريض يجب التأكد من وجود ركني التحريض المادي والمعنوي، حيث يتمثل الركن المادي في اتصال المحرض بمرتكب الجريمة سواء كان فرد أو مجموعة من الأفراد للتأثير في محاولة للتشجيع على ارتكاب الجريمة والتأثير على عقولهم، أما الركن المعنوي فهو وجود النية للتحريض على ارتكاب الجرائم أو الأفعال غير المشروعة.
العقوبات المفروضة على التحريض وفقًا للنظام السعودي
وفقًا للمشرع السعودي فإن المحرض على ارتكاب جريمة سواء بالقول أو بالفعل أو باستخدام الصور أو الرموز أو أي وسيلة أخرى يعد شريكًا رئيسيًا بها ويعاقب بالعقوبات المقررة لتلك الجريمة كما يلي:
- التحريض على الرشوة: يخضع كل من اشترك في الجرائم المتعلقة بمكافحة الرشوة بالاتفاق أو التحريض أو المساعدة لنفس العقوبة المستحقة للفاعل الأساسي حيث يخضع لنفس نص المادة الواردة بنظام مكافحة الرشوة ونفس نطاق العقوبة المقررة وهي السجن لمدة لا تزيد عن 10 سنوات وبغرامة مالية لا تزيد عن مليون ريال ويترك للقاضي حق تقدير قيمة الغرامة ومدة الحبس في حدود العقوبة المشار إليها.
- التحريض على تزييف وتقليد النقود: يعاقب كل من حرض على تقليد أو تزوير الأوراق المصرفية أو سندات الشركات أو حرض على تزوير الطوابع البريدية أو الإيصالات المالية بنفس العقوبات المقررة على الجاني الفعلي للجريمة وذلك بالحبس لمدة تتراوح بين 3 إلى 10 سنوات وبغرامة مالية تتراوح بين 3 إلى 10 آلاف ريال بالإضافة لجميع المبالغ التي تسبب بخسارتها.
- التحريض على الجرائم المتعلقة بوظائف مباشرة الأموال العامة: يعاقب كل من حرض أو تواطأ مع أحد الأشخاص في جرائم اختلاس أو تبديد أموال الدولة العامة بالسجن لمدة لا تزيد على 10 سنوات أو بغرامة مالية لا تزيد عن 100 ألف ريال أو بكلتا العقوبتين معًا وهي نفس العقوبة الموقعة على الفاعل الرئيسي بدون تمييز بينهما.
- التحريض على إتلاف المرافق العامة: كل من كان شريكًا في جرائم تعمد إتلاف المرافق العامة سواء بالتحريض أو المساعدة يعاقب بنفس عقوبة الفاعل الرئيسي للجريمة وذلك بالسجن لمدة لا تزيد عن سنتين وبغرامة مالية لا تتجاوز 100 ألف ريال أو بإحدى العقوبتين.
- التحريض على الغش التجاري: وفقًا لنظام مكافحة الغش التجاري تتساوى العقوبة الموقعة على الفاعل مع العقوبة الموقعة على المحرض على ارتكاب المخالفات الواردة بهذا النظام.
- التحريض على التزوير: يعاقب كل من يشارك أو يحرض على ارتكاب جريمة من جرائم التزوير بالسجن لمدة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات وبغرامة مالية تتراوح من 3 إلى 10 آلاف ريال، فإذا كان المحرض أحد الموظفين العموميين بالدولة توقع عليه الحد الأقصى من العقوبة.
- التحريض على جرائم الحدود والقصاص: تقتصر قاعدة عدم التسوية في العقوبة بين الفاعل والمحرض على هذا النوع من الجرائم فمن الممكن أن تقل عقوبة المحرض عن عقوبة الجاني الرئيسي كما انه من الممكن أن تساويها، وللقاضي حرية تقدير العقوبة اللازمة وفقًا لظروف ارتكاب الجريمة.